التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
148 [ ص: 194 ] حديث ثالث لابن شهاب عن حميد يسند من وجوه

مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال : لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء


هذا الحديث يدخل في المسند ؛ لاتصاله من غير ما وجه ، ولما يدل عليه اللفظ ، وبهذا اللفظ رواه أكثر الرواة عن مالك ، وممن رواه كذلك كما رواه يحيى أبو المصعب ، وابن بكير والقعنبي وابن القاسم ، وابن وهب ، وابن نافع ورواه معن بن عيسى وأيوب بن [ ص: 195 ] صالح وعبد الرحمن بن مهدي ، وحوثرة وأبو قرة موسى بن طارق ، وإسماعيل بن أبي أويس ومطرف بن عبد الله اليساري الأصم وبشر ابن عمر ، وروح بن عبادة ، وسعيد بن عفير عن مالك ، وسحنون عن ابن القاسم عن مالك بإسناده عن أبي هريرة أن [ ص: 196 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وبعضهم يقول : مع كل صلاة ، وكذلك رواه علي بن داود عن ابن بكير ، والصحيح عن ابن بكير في الموطأ ما ذكرنا حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، وأحمد بن قاسم قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا ابن أبي أويس قال : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء حدثنا علي بن إبراهيم قال : حدثنا حسن بن رشيق قال : حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا مطرف ، وإسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن وهب ، وقرأته على ابن نافع قالوا : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ولم [ ص: 197 ] يرفعه ابن وهب ، ولا ابن نافع ، وحدثنا محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا بشر بن عمر ، وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقري قال : حدثنا إدريس بن علي بن إسحاق البغدادي قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال : حدثنا محمد بن يحيى وإبراهيم بن مرزوق قالا : حدثنا بشر بن عمر قال : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء [ ص: 198 ] في هذا الحديث إباحة السواك في كل الأوقات ؛ لقوله مع كل وضوء ، ومع كل صلاة والصلاة قد تجب في أكثر الساعات بالعشي والهجير والغدوات ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستاك وهو صائم ، وعن عمر وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وكره مالك ، وأصحابه والحسن بن يحيى السواك الرطب للصائم وأجازوا اليابس منه في كل الأوقات للصائم وقال [ ص: 199 ] الثوري وأبو حنيفة لا بأس بالسواك الرطب للصائم ، وكذلك قال الشافعي إلا أنه قال : أكرهه بالعشي للخلوف ، وقال ابن علية : السواك سنة للصائم والمفطر والرطب واليابس في ذلك سواء ؛ لأنه ليس بمأكول ولا مشروب حدثنا خلف : حدثنا علي بن الحسن بن عبد الله : حدثنا علي بن داود : حدثنا يحيى بن بكير : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك وحدثنا خلف بن قاسم : حدثنا محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق : حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف : حدثنا روح بن عبادة : حدثنا مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وفي هذا الحديث أدل الدلائل على فضل السواك ، والرغبة فيه ، وفيه أيضا دليل على فضل التيسير في أمور الديانة ، وأن ما يشق منها مكروه [ ص: 200 ] قال الله عز وجل يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ؛ فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وفضل السواك مجتمع عليه لا اختلاف فيه ، والصلاة عند الجميع بعد السواك أفضل منها قبله ، وقال الأوزاعي رحمه الله : أدركت أهل العلم يحافظون على السواك مع وضوء الصبح والظهر ، وكانوا يستحبونه مع كل وضوء ، وكانوا أشد محافظة عليه عند هاتين الصلاتين ، وقال الأوزاعي : السواك شطر الوضوء ، وقال : وركعة على أثر سواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ، وقال يحيى بن معين : لا يصح حديث : الصلاة بأثر السواك أفضل من الصلاة بغير سواك ، وهو باطل وقال الشافعي : أحب السواك [ ص: 201 ] للصلاة عند كل حال تغير فيها الفم نحو الاستيقاظ من النوم ، والأزم وكل ما يغير الفم ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة قال الشافعي : ولو كان واجبا لأمرهم شق أو لم يشق ، وروينا من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال السواك مطهرة للفم مرضاة للرب وقد كره جماعة من أهل العلم السواك الذي يغير الفم ، ويصبغه لما فيه من الشبه بزينة النساء ، والسواك المندوب إليه هو المعروف عند العرب ، وفي عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك الأراك والبشام [ ص: 202 ] وكل ما يجلو الأسنان إذا لم يكن فيه صبغ ولون ؛ فهو مثل ذلك ما خلا الريحان والقصب ؛ فإنهما يكرهان ، وقالت طائفة من العلماء : إن الأصبع تغني من السواك ، وتأول بعضهم في الحديث المروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يشوص فاه بالسواك : أنه كان يدلك أسنانه بأصبعه ، ويستجزي بذلك من السواك والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية