التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1755 [ ص: 129 ] حديث خامس لابن شهاب عن عروة

مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات ، وينفث قالت : فلما اشتد وجعه كنت أنا أقرأ عليه ، وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها .


هكذا في روايتنا ليحيى ، وأمسح عليه ، وتابعه قتيبة . وغيرهما يقول فيه : وأمسح عنه ، وفيه إثبات الرقى ، والرد على من أنكره من أهل الإسلام ، وفيه الرقى بالقرآن ، وفي معناه كل ذكر لله جائز الرقية به ، وفيه إباحة النفث في الرقى والتبرك به ، والنفث شبه البصق ، ولا يلقي النافث شيئا ( من البصاق ) وقيل كما ينفث آكل الزبيب ، وفيه المسح باليد ، عند الرقية ، وفي معناه المسح باليد على كل ما ترجى بركته ، وشفاؤه ، وخيره مثل المسح على رأس اليتيم وشبهه ، وفيه التبرك بإيمان الصالحين قياسا على ما صنعت عائشة بيد النبي صلى الله عليه وسلم وفيه التبرك باليمنى دون الشمال وتفضيلها عليها ، وفي ذلك معنى الفأل .

وأما اختلاف الألفاظ في هذا الحديث عن مالك فحدثنا خلف بن قاسم : حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد بن محمد القطربلي بمكة .

[ ص: 130 ] حدثنا إدريس بن عبد الكريم أبو الحسن الحداد : حدثنا أحمد بن حاتم أبو جعفر الطويل : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات وتفل ، أو قال نفث ، وحدثنا أبو القاسم عبد الوهاب بن محمد بن الحجاج النصيبي ، ومحمد بن أحمد بن موسى بن هارون الأنماطي بمكة ، وأبو الحسن علي ( بن علان ، وأبو يوسف يعقوب بن مسدد بن يعقوب ، وأبو الحسن علي ) بن فارس ( بن طرخان ، وثوابة بن أحمد بن ثوابة قالوا : . حدثنا أحمد بن علي بن المثنى ( قال : ) : حدثنا أحمد بن حاتم ( قال : ) : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة فذكر الحديث .

وحدثنا خلف قال : حدثنا الحسن بن الخضر : حدثنا أحمد بن شعيب ، وحدثنا خلف : حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد : حدثنا أحمد بن محمد بن عبيد الله التستري قالا : أنبأنا علي بن خشرم ، أنبأنا عيسى بن يونس : حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، وحدثنا خلف : حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي : حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبي الوزير ، [ ص: 131 ] حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه بالمعوذتين ، وينفث ، وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ( قال : حدثنا بشر بن عمر ) قال : أنبأنا مالك قال : حدثنا ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : لما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكاته التي توفي فيها كان يقرأ على نفسه بـ " قل أعوذ برب الفلق " ، و " قل أعوذ برب الناس " ، ويمسح بيده على جسده ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بهما ، وأمسح بيده رجاء بركة يده .

وحدثنا قاسم بن محمد قال : حدثنا خالد بن سعد قال : حدثنا محمد بن فطيس قال : حدثنا نصر بن مرزوق قال : حدثنا أبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود قال : حدثنا عيسى بن يونس قال : حدثنا مالك ( بن أنس ) عن ابن شهاب عن عروة ( بن الزبير ) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بـ " قل هو الله أحد " ، والمعوذتين فزاد عيسى بن يونس ذكر " قل هو الله أحد " ، وقد يحتمل أن يكون ذلك بمعنى ( رواية يحيى ) بالمعوذات ، والله أعلم .

وحدثنا أحمد بن قاسم وعبد الوارث بن [ ص: 132 ] سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا ابن مهدي عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرض يقرأ على نفسه بالمعوذات ، وينفث رواه وكيع عن مالك فاختصره ، وكان كثيرا ما يختصر الأحاديث .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع عن مالك عن الزهري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية ، وحدثنا خلف بن قاسم ( وعبد الرحمن بن يحيى قالا ) : حدثنا الحسن بن الخضر : حدثنا أحمد بن شعيب ، وحدثنا خلف : حدثنا يوسف ( بن القاسم بن يوسف ) الميانجي : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه : حدثنا وكيع بن الجراح : حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث ( وكذلك رواه زيد بن أبي الزرقاء عن مالك بإسناده هذا بلفظ وكيع سواء أن رسول الله صلى الله [ ص: 133 ] عليه وسلم كان ينفث في الرقية ) ذكره النسائي عن عيسى عن زيد ( حدثناه خلف ، وعبد الرحمن عن الحسن بن الخضر عنه ) وأما رواية ابن بكير ، والقعنبي ، وقتيبة ، والتنيسي ، وابن القاسم ، وأبي المصعب ، وسائر رواة الموطأ فألفاظهم في هذا الحديث مثل لفظ يحيى سواء إلى آخره .

( قال أبو عمر : أجاز أكثر العلماء النفث ، عند الرقى أخذا بهذا الحديث ، وما كان مثله ، وكرهته طائفة فيهم الأسود بن يزيد ، رواه جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود أنه كان يكره النفث ، ولا يرى بالنفخ بأسا ، وروى الثوري عن الأعمش عن إبراهيم قال : إذا دعوت بما في القرآن فلا تنفث ، وهذا شيء لا يجب الالتفات إليه إلا أن من جهل الحديث ، ولم يسمع به ، وسبق إليه من الأصول ما نزع به فلا حرج عليه ، ولكنه لا يلتفت مع السنة إليه ، وأظن الشبهة التي لها كره النفث من كرهه ظاهر قول الله عز وجل ومن شر النفاثات في العقد ، وهذا نفث سحر ، والسحر باطل محرم وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه الخير ، والبركة ، وبالله التوفيق ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية