التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 119 ] ابن شهاب عن سليمان بن يسار حديثان أحدهما مرسل

وسليمان بن يسار يكنى أبا عبد الرحمن ، مولى ميمونة الهلالية ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتقته وأعتقت إخوته عطاء ، وعبد الملك ، وعبد الله ، بني يسار مواليها ، فولاؤهم لها ، وكان سليمان أحد الفقهاء الذين عليهم مدار الفتوى بالمدينة ، وقد قيل إنه يكنى أبا أيوب ، والأكثر على أن كنيته أبو عبد الرحمن .

وقال مصعب بن عبد الله الزبيري : كان سليمان بن يسار مقدما في الفقه والعلم ، وكان نظيرا لسعيد بن المسيب ، وكان مكاتبا لميمونة بنت الحارث بن حزن زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدى فعتق ، ووهبت ميمونة ولاءه لعبد الله بن عباس ، وكانت خالته

قال أبو عمر :

قد ذكر ابن عيينة أيضا عن عمرو بن دينار ، أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس ، وهذا مشهور عند العلماء من فعلها ، لكنه مردود عندهم بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء حكمه وعن هبته ، وبقوله - عليه السلام - : الولاء كالنسب لا يباع ولا يوهب . قال مصعب الزبيري : وولي سليمان بن يسار سوق المدينة [ ص: 120 ] لعمر بن عبد العزيز سنة واحدة في زمان الوليد بن عبد الملك . وروي عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أنه قال : سليمان ابن ابن المسيب . وروى أشهب .

قال أبو عمر :

هذا إسراف وإفراط ، وليس سليمان كسعيد بن المسيب في الفقه عند أهل العلم بالفقه والسير ، ولم يقل هذا القول غير الحسن بن محمد ، وأصح من هذا قول ميمون بن مهران : قدمت المدينة ، فسألت عن أفقه أهلها ، فقيل : سعيد بن المسيب ، وقيل للزهري ، ومكحول : من أفقه من أدركتما ؟ فقالا : سعيد بن المسيب ، وقد كان سليمان بن يسار يسأل سعيد بن المسيب . وروى الحارث بن مسكين عن ابن وهب ، عن مالك أنه سمعه يقول : كان سليمان بن يسار من أعلم الناس عندنا بعد سعيد بن المسيب وروى أشهب ، عن مالك ، قال : كان سليمان بن يسار أفقه رجل كان ملزما بعد سعيد بن المسيب ، وكثيرا ما كانا يتفقان في القول ، وكان إذا ارتفع الصوت في مجلسه أو سمع فيه سوءا قام عنه . ذكر الحلواني قال : حدثنا عارم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، قال : اختلف سليمان بن يسار وعلي بن حسين في بيع الثمرة حكمها ، فقال لي : قم فسل سعيد بن المسيب عنها ، فأتيته ، فقلت : يا أبا محمد [ ص: 121 ] أرسلني إليك سليمان بن يسار يسألك متى تباع الثمرة ؟ قال : إذا بدا صلاحها ، فأتيت سليمان فأخبرته ، فقال : ائته فاسأله متى يتبين صلاحها ؟ فأتيته فقلت : قال سليمان : متى يتبين صلاحها ؟ قال : إذا سنبل الزرع واحمر الزهر .

قال أبو عمر :

وسليمان فقيه عالم ورع نبيل ، كانت له جلالة وقدر بالمدينة ، ذكر ابن أبي خيثمة ، عن ابن الأصبهاني ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، قال : أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون : إنه لم يروه عن يحيى بن سعيد غير ابن عيينة . قال ابن أبي خيثمة : وسمعت يحيى بن معين يقول : مات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة . وقال غيره : سنة أربع وتسعين ، قال : وأخبرني مصعب الزبيري ، قال : مات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة . وسئل يحيى بن معين عن حديث الزهري ، عن أبي عبد الرحمن ، عن زيد بن ثابت في الذي يطلق امرأته ثلاثا ثم يشتريها . قال : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، فقال : يقال أبو عبد الرحمن هذا سليمان بن يسار .

قال أبو عمر :

قد قال غيره : إنه طاوس والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية