التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1891 [ ص: 151 ] حديث ثان لابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم - مرسل يتصل من وجوه

مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب .


هكذا روى هذا الحديث يحيى مرسلا ، لم يقل عن أبيه ، وتابعه على ذلك أكثر الرواة للموطأ ، وممن تابعه على ذلك : القعنبي ، وابن بكير ، وابن وهب ، وابن القاسم ، وعبد الله بن يوسف ، وابن أبي أويس ، وأسنده عن مالك : معن بن عيسى ، ومحمد بن المبارك الصوري ، ومحمد بن عبد الرحيم ، وابن شروس الصنعاني ( وعبد الله بن مسلم ) الدمشقي ، وإبراهيم بن طهمان ، وحبيب ، ومحمد بن حرب ، وأبو حذافة ، وعبد الله بن نافع ، وأبو المصعب ، كل هؤلاء رواه عن مالك مسندا عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه .

[ ص: 152 ] حدثنا محمد ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا إسحاق بن الحسن الطحان بمصر ، حدثنا محمد بن المبارك الصوري ، قال : سمعت رجلا يقول لمالك بن أنس : أحدثك ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، وأنا الحاشر ، وأنا العاقب ؟ قال : نعم .

وأخبرنا علي بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن رشيق ، حدثنا العباس بن محمد بن العباس البصري ، حدثنا أحمد بن صالح ، قال : قرأت على ابن نافع ، قال : حدثني مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، والعاقب الذي ليس بعده أحد .

هكذا ، قال : في تفسير العاقب في نسق الحديث ، وذكره الدارقطني ، عن محمد بن عبد الله بن زكرياء والحسن بن خضر ، والحسن بن رشيق ، كلهم عن العباس بن محمد ، عن أحمد بن صالح مثله سواء .

[ ص: 153 ] وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا البخاري ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا معن ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب .

وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه مسندا ، حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : ( حدثنا ) محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا الحميدي ، وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن علي ، قال : حدثنا علي بن حرب قالا جميعا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إني أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي أحشر الناس ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي .

[ ص: 154 ] وكذلك رواه شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري - لم يقل : خمسة أسماء - والأسماء هنا والصفات سواء ، فمحمد : مفعل من الحمد ، وكذلك أحمد أفعل من الحمد ، قال : بعض الشعراء :


وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء المعلالي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : أحسن بيت قيل - فيما قالوا - قول عبد المطلب ، أو قول أبي طالب ، الشك من أبي إسماعيل :


وشق له من اسمه ليجله     فذو العرش محمود وهذا محمد

والقول في الاسم والمسمى ليس هذا موضعه ، وقد اختلف في ذلك أهل العلم وسائر فرق الإسلام ، وأكثروا من القول في ذلك بما لم أر في ذكره ههنا وجها ، ومعنى قوله يحشر الناس على قدمي : أي قدامي وأمامي ، أي : إنهم يجتمعون إليه وينضمون حوله ، ويكونون أمامه يوم [ ص: 155 ] القيامة وروى الخليل بن أحمد : حشرتهم السنة : إذا ضمتهم من النواحي ، وهذا الحديث أيضا مطابق لكتاب الله في قوله عز وجل : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين . وقال ، صلى الله عليه وسلم : أنا العاقب الذي ليس بعدي نبي . حدثني خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا يحيى بن عمر ، قال : حدثنا يوسف بن عمر ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن مالك ، قال : ختم الله به الأنبياء ، وختم بمسجده هذه المساجد ، يعني مالك بذلك مساجد الأنبياء .

وقال أبو عبيد : سألت سفيان ، يعني ابن عيينة ، عن العاقب ، فقال لي : آخر الأنبياء ، قال أبو عبيد : وكذلك كل شيء خلف بعد شيء فهو عاقب ، وقد عقب يعقب عقبا ، ولهذا قيل لولد الرجل بعده عقبه ، وكذلك آخر كل شيء عقبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية