التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1880 [ ص: 131 ] حديث أول لابن شهاب عن عطاء بن يزيد .

مالك ( ، عن ابن شهاب ) ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفذ ما عنده قال : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .


[ ص: 132 ] هذا الحديث في الموطأ لم يختلف في شيء منه فيما علمت . حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا عمر بن محمد بن القاسم ومحمد بن أحمد بن كامل ومحمد بن أحمد بن المسور قالوا : حدثنا بكر بن سهل ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ، حتى إذا نفد ما عنده قال : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر وأما قوله : فلن أدخر عنكم ، فإنه يريد لن أستره عنكم وأمنعكموه ، وأنفرد به دونكم ونحو هذا .

وفي هذا الحديث ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من السخاء والكرم ، هذا إن كان عطاؤه ذلك من سهم وما أفاء الله عليه وإن يكن من مال الله ، فحسبك وما [ ص: 133 ] عليه صلى الله عليه وسلم من إنفاذ أمر الله وإيثار طاعته وقسمة مال الله بين عباده ، وقد فاز من اقتدى به فوزا عظيما ، وفيه إعطاء السائل مرتين ، وفيه الاعتذار إلى السائل ، وفيه الحض على التعفف والاستغناء بالله عن عباده والتصبر وأن ذلك أفضل ما أعطيه الإنسان ، وفي هذا كله نهي عن السؤال وأمر بالقناعة والصبر ، وقد مضى القول في السؤال وما يجوز منه وما لا يجوز ومتى يجوز فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله

التالي السابق


الخدمات العلمية