التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1682 [ ص: 145 ] حديث ثالث لابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد .

مالك ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام


أما قوله : فيعرض هذا ويعرض هذا ، فمعناه : يدير هذا عن هذا بوجهه وذلك عنه أيضا كذلك . ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن التدابر والإعراض ، قال الشاعر :


إذا أبصرتني أعرضت عني كأن الشمس من قبلي تدور

[ ص: 146 ] وقد مضى القول في معنى هذا الحديث من باب ابن شهاب ، عن أنس .

وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال : حدثنا أبو عاصم ، عن أبي خالد وهب بن أبي سفيان الحمصي ، عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولى الناس بالله عز وجل من بدأهم بالسلام .

قال أبو داود : وحدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وأحمد بن سعيد السرخسي أن أبا عامر أخبرهم قال : حدثنا محمد بن هلال قال : حدثني أبي ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث ، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم زاد أحمد : " وخرج المسلم من الهجرة " .

وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن عبيد الله بن زجر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم [ ص: 147 ] عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة قال : حدثنا إسماعيل بن عيسى بن سليم البصري ( ح ) وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أبو قلابة قال : حدثنا عمر بن عامر أبو حفص - واللفظ لحديثه - قالا : حدثنا عبيد الله بن الحسن القاضي بالبصرة قال : حدثنا الجريري ، عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا التقى المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه ، فإذا تصافحا أنزل الله عليهما مائة رحمة منها تسعون للذي بدأ بالمصافحة وعشر لصاحبه وقد ذكرنا المصافحة وفضلها في باب محمد بن المنكدر من كتابنا هذا والحمد لله .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة آثار شداد فيها تغليظ ، منها :

[ ص: 148 ] حديث أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : من هجر فوق ثلاث دخل النار .

ومنها حديث أبي خراش السلمي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه .

وحسبك بحديث أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه يغفر في كل خميس واثنين لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ، إلا من كان بينه وبين أخيه شحناء فيقول : أنظروا هذين حتى يصطلحا .

وهذه الآثار كلها قد وردت في التحاب والمؤاخاة والتآلف والعفو ( والتجاوز ) وبهذا بعث صلى الله عليه وسلم ، وفقنا الله لما يحب ويرضى برحمته ولطف صنعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية