التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
499 [ ص: 185 ] حديث خامس لأبي الزبير .

مالك عن أبي الزبير المكي ، عن طاوس اليماني ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات .


قال أبو عمر : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه الدعاء فيحضهم عليه ويأمرهم به ، ويقول : إن الدعاء هو العبادة ويتلو وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين .

[ ص: 186 ] وقد قالوا : إن الدعاء مع العبادة ; لأن فيها الإخلاص والضراعة والإيمان والخضوع ، والله يحب أن يسأل ، ولذلك أمر عباده أن يسألوه من فضله ، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنواع من الدعاء يواظب عليه ويدعو به لا يقوم به كتاب لكثرته .

وفي هذا الحديث الإقرار بعذاب القبر ، ولا خلاف بين أهل السنة في جواز تصحيحه واعتقاد ذلك والإيمان به ، وكذلك الإيمان بالدجال ، وقد ذكرنا الأخبار في عذاب القبر في باب هشام بن عروة وغيره من هذا الكتاب ، وذكرنا أخبار الدجال في باب نافع والحمد لله .

وأما فتن المحيا فكثيرة جدا في الأهل والمال والدين ( والدنيا ) ، أجارنا الله من مضلات الفتن ، وأما فتن الممات فيحتمل أن يكون إذا احتضر ، ويحتمل أن يكون في القبر أيضا ، ومما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواظب عليه من الدعاء ما أخبرناه خلف بن سعيد قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا علي بن عبد [ ص: 187 ] العزيز قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري قال : حدثني جبير بن سليمان بن جبير بن مطعم أنه كان جالسا مع ابن عمر فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه حين يمسي وحين يصبح - لم يدعه حتى فارق الدنيا ومات - : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي وأعوذ بك من أن أغتال من تحتي قال جبير : وهو الخسف .

قال عبادة : فلا أدري أقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قول جبير ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية