التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 339 ] أيوب السختياني بصري

وهو أيوب بن أبي تميمة ، واسم أبي تميمة كيسان ، وهو من سبي كابل ، مولى لعزة ، وقيل هو مولى لعمار بن شداد مولى المغيرة ، ثم انتموا إلى بني طهية ، وأيوب يكنى أبا بكر ، وكان يبيع الجلود بالبصرة ، ولذلك قيل له السختياني ، وهو أحد أئمة الجماعة في الحديث والإمامة والاستقامة ، وكان من عباد العلماء وحفاظهم وخيارهم .

ذكر البخاري ، عن أبي داود ، عن شعبة قال : ما رأيت مثل هؤلاء قط : أيوب ، ويونس ، وابن عون ، أخبرنا خلف بن القاسم ، حدثنا ابن المفسر ، حدثنا أحمد بن علي بن سعيد ، حدثنا أبو السائب ، حدثنا حفص بن غياث قال : سمعت هشام بن عروة يقول : ما قدم علينا أحد من أهل العراق أفضل من أيوب السختياني ، ومن ذلك الرؤاسي - يعني مسعرا - لأنه كان كبير الرأس .

وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا عبد المالك بن بحر قال : حدثنا موسى بن مروان قال : حدثنا العباس بن الوليد النرسي قال : حدثنا وهيب عن الجعد أبي عثمان ، عن الحسن قال : أيوب سيد شباب أهل البصرة ، قال موسى بن [ ص: 340 ] هارون : وسمعت العباس بن الوليد يقول : ما كان في زمن هؤلاء الأربعة مثلهم : أيوب ، وابن عون ، ويونس ، والتيمي ، وما كان في الزمن الذي قبلهم مثل هؤلاء الأربعة : الحسن ، وابن سيرين ، وبكر ، ومطرف .

وكان ابن سيرين إذا حدثه أيوب بالحديث ، قال : حدثني الصدوق ، وذكر أبو أسامة ، عن مالك وشعبة ، أنهما قالا : ما حدثناكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه .

وقال ابن عون : لم يكن بعد الحسن ومحمد بالبصرة مثل أيوب ، كان أعلمنا بالحديث ، وقال شعبة في حديث ذكره : حدثنا به سيد الفقهاء أيوب ، وقال نافع : خير مشرقي رأيته أيوب ، وقال ابن أبي مليكة : أيوب خير أهل المشرق .

وقال ابن أبي أويس : سئل مالك متى سمعت من أيوب السختياني ؟ فقال : حج حجتين ، فكنت أرمقه ، ولا أسمع منه ، غير أنه كان إذا ذكر النبي - صلى الله عليه - بكى حتى أرحمه ، فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي - صلى الله عليه وسلم - كتبت عنه ، قال : وسمعت مالكا يقول : ما رأيت في العامة خيرا من أيوب السختياني .

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن قال : حدثنا إسماعيل بن محمد قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : سمعت علي بن المديني يقول : أربعة من أهل الأمصار يسكن القلب إليهم في الحديث : يحيى بن سعيد بالمدينة ، وعمرو بن دينار بمكة ، وأيوب بالبصرة ، ومنصور بالكوفة .

[ ص: 341 ] قال أبو عمر : توفي أيوب رحمه الله سنة اثنتين وثلاثين ومائة بطريق مكة راجعا إلى البصرة في طاعون الجارف ، لا أعلم في ذلك خلافا وهو ابن ثلاث وستين .

لمالك عنه في الموطأ من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان مسندان هذا ما له عنه في رواية يحيى ، وأما سائر رواة الموطأ غير يحيى ، فعندهم في الموطأ عن مالك ، عن أيوب حديثان آخران في الحج نذكرهما أيضا إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية