التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
753 [ ص: 72 ] مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي حديث واحد .

وهو محمد بن أبي بكر بن عوف بن الرباح الثقفي مدني تابعي ثقة .

روى عنه مالك بن أنس ، وغيره .

مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك ، وهما غاديان من منى إلى عرفة : كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه .


[ ص: 73 ] قال أبو عمر : هذا حديث صحيح ، وفيه أن الحاج جائز له قطع التلبية قبل الوقوف بعرفة ، وقبل رمي جمرة العقبة ، وهو موضع اختلف فيه السلف ، والخلف فروى أنس بن مالك ما ذكرنا ، وعن ابن عمر مثله مرفوعا ، وهو فعل ابن عمر ، وقوله في ذلك : أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات فمنا الملبي ، ومنا المكبر .

أخبرنا خلف بن سعيد قراءة مني عليه أن عبد الله بن محمد حدثهم قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا القعنبي قال : حدثنا يحيى بن [ ص: 74 ] عمير أن عمر بن عبد العزيز قال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر : سألت أباك عن اختلاف الناس في التلبية ؟ فقال : أخبرني أبي أنه غدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى غداة عرفة حين صلى الصبح ، قال : فلم تكن لي همة إلا أن أرمق الذي أراه يصنع ، فسمعته يهلل ويكبر ، والناس كهيئته يهللون ، ويكبرون ويلبون ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع ذلك كله فلم أره ينهى عن شيء من ذلك كله ، ولزم التهليل والتكبير .

وحدثنا خلف بن سعيد قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه ، وعلاج جميعا عن ابن عمر أنه لم يفتر من التهليل ، والتكبير حين دفع من عرفة حتى أتى المزدلفة فأذن ، وأقام ، وذكر الحديث .

[ ص: 75 ] وذكر إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن عمر قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفة فمنا الملبي ، ومنا المكبر قال إسماعيل : وحدثنا به علي قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن يحيى بن سعيد فذكره ، قال إسماعيل : وحدثنا مسدد قال : حدثنا يوسف الماجشون عن أبيه أن عبد الله بن عمر قال : غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفة فمنا الملبي ، ومنا المكبر فلا يعاب على الملبي تلبيته ، ولا على المكبر تكبيره قال : وكان عبد الله بن عمر يكبر .

قال أبو عمر : فقال قوم من العلماء بهذه الأحاديث ، قالوا : جائز قطع التلبية للحاج إذا راح من منى إلى عرفة فيهلل ويكبر ، ولا يلبي ، واستحبوا ذلك ، قالوا : وإن أخر قطع التلبية إلى زوال الشمس بعرفة فحسن ، ليس به بأس ، وأما عبد الله بن عمر فكان يقطع التلبية في رواحه من منى إلى عرفة ، وروى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا غدا من منى إلى عرفة قطع التلبية ، وروى حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يلبي حين يغدو من منى إلى عرفة ، وروى ابن علية عن أيوب عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر قال : إذا أصبحت غاديا من منى إلى عرفة فأمسك عن التلبية ، فإنما هو التكبير ، وذكر إسماعيل القاضي قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا جرير بن [ ص: 76 ] حازم ، قال : غدونا من منى إلى عرفة مع نافع ، فكان يكبر أحيانا ، ويلبي أحيانا .

قال أبو عمر : كان ابن عمر إذا قدم حاجا أو معتمرا فرأى الحرم ترك التلبية حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يعود في التلبية إلى صبيحة يوم عرفة ، فإذا غدا من منى إلى عرفة قطع التلبية ، وأخذ في التهليل والتكبير .

( ذكر مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم يلبي حين يغدو من منى إلى عرفة ، فإذا غدا ترك التلبية ، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم ) .

وبما روي عن ابن عمر في هذا الباب كان الحسن البصري وغيره يقولون .

ذكر إسماعيل ( القاضي ) قال : حدثنا علي ابن المديني قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام عن الحسن في الذي يهل بالحج من مكة قال : يلبي حتى يغدو الناس من منى إلى عرفات .

[ ص: 77 ] وحدثنا نصر قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام عن عطاء قال : أحسبه مثل ذلك ( وحدثنا نصر ) قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال : قال محمد بن هلال : رأيت عمر بن عبد العزيز يصيح بالناس بعد ما صلى الصبح يوم عرفة بمنى : أيها الناس إنه التهليل والتكبير ، وقد انقطعت التلبية قال : وحدثنا علي قال : حدثنا الفضل بن دكين قال : حدثنا معمر بن يحيى بن سام سمعت أبا جعفر يقول : إذا رجعت إلى عرفة فاقطع التلبية ، وهلل وكبر .

فهذا كله وجه واحد ، وقول واحد .

وكانت جماعة آخرون لا يقطعون التلبية إلا عند زوال الشمس بعرفة روي ذلك عن جماعة من السلف ، وهو قول مالك بن أنس وأصحابه ، وأكثر أهل المدينة .

ذكر إسماعيل قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال : كانت الأئمة يقطعون التلبية إذا زالت الشمس يوم عرفة ، وسمى ابن شهاب أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعائشة ، وسعيد بن المسيب .

قال أبو عمر : أما عثمان وعائشة فقد روي عنهما غير ذلك ، وكذلك سعيد بن المسيب ، وسنذكره في هذا الباب ، وهو قريب مما حكى عنهم ابن شهاب .

[ ص: 78 ] وأما علي بن أبي طالب فلم يختلف عنه في ذلك فيما علمت ، روى مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه ، أن علي بن أبي طالب كان يلبي في الحج ، حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية . قال مالك : وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا ، وكذلك أم سلمة كانت تقطع التلبية إذا زاغت الشمس من عرفة .

روى ذلك ابن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي عن عمته عنها . وقد روي عن ابن عمر مثل ذلك ، والرواية الأولى عنه أثبت . روى علي ابن المديني عن الفضل بن العلاء عن ابن خثيم ، عن يوسف بن ماهك قال : حججت مع عبد الله بن عمر ثلاث حجج فخرجنا معه من مكة حتى صلى بنا الصلوات كلها بمنى ، ثم غدا إلى عرفة وغدونا معه حتى أتى نمرة ، فلما زاغت الشمس أمسك عن التلبية ، وهو قول السائب بن يزيد ، وسليمان بن يسار ، وابن شهاب ذكر إسماعيل عن إبراهيم بن حمزة : حدثنا الدراوردي عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه : أنه كان يقطع التلبية يوم عرفة إذا زاغت الشمس .

وفي هذه المسألة قول ثالث ، وهو أن التلبية لا يقطعها الحاج حتى يروح من عرفة إلى الموقف ، وذلك بعد جمعة بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر ، وهذا القول قريب من [ ص: 79 ] القول الذي قبله . روي أيضا عن جماعة من السلف منهم عثمان ، وعائشة ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن المسيب ، وغيرهم ، وروى الدراوردي ، وابن أبي حازم عن ابن حرملة أنه سأل سعيد بن المسيب حتى متى ألبي في الحج ؟ قال : حتى تروح من عرفة إلى الموقف ، والدراوردي أيضا عن علقمة عن ابن أبي علقمة عن أمه عن عائشة أنها كانت تنزل عرفة في الحج ، وكانت تهل في المنزل ، ويهل من كان معها ، وتصلي الصلاتين كلتيهما : الظهر والعصر في منزلها ثم تروح إلى الموقف ، فإذا استوت على دابتها قطعت التلبية ، ذكره إسماعيل بن إسحاق .

حدثنا إبراهيم بن حمزة وحدثنا الدراوردي ، وروى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف ، ومالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة مثله بمعناه . وحماد بن زيد ، وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله ، وروى ابن وهب ، وعبد الله بن نافع ، والمغيرة بن عبد الرحمن كلهم عن عبد الله بن عمر ، عن نافع : أن عثمان كان يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف .

[ ص: 80 ] وروى علي ابن المديني عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو قال : صليت مع عمر بن عبد العزيز الصبح بمنى ثم غدا وغدونا معه ، فرأى الناس مكبرين لا يلبي أحد فأمر صاحب شرطته عبد الله بن سعد فركب بغله ، فأمره أن يطوف في الناس فينادي ، أخبر الناس أن الأمير يأمركم أن تلبوا فإنما هي التلبية ، حتى تروحوا إلى الموقف .

قال أبو عمر : هذه الرواية عن عمر بن عبد العزيز أصح من التي تقدمت عنه في هذا الباب من حديث ابن أبي أويس .

وروي عن سالم ، ومحمد بن المنكدر ما يدخل في معنى هذا القول ، وروى حماد بن زيد عن أيوب قال : كنا بعرفة فجعل سالم بن عبد الله يكبر ، وصلى ابن المنكدر الظهر بعرفة فلما سلم لبى ابنه فحصبه .

وفيها قول رابع : أن المحرم بالحج يلبي أبدا حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ، ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قول عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وميمونة ، وبه قال عطاء بن أبي رباح وطاوس وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ، وهو قول جمهور فقهاء الأمصار ، وأهل الحديث ، وممن قال بذلك منهم : سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والحسن بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود بن [ ص: 81 ] علي ، والطبري وأبو عبيد ، إلا أن هؤلاء اختلفوا في شيء من ذلك ، فقال الثوري والشافعي وأبو حنيفة ، وأصحابهم ، وأبو ثور يقطعها : في أول حصاة يرمي بها من جمرة العقبة ، وقال أحمد وإسحاق ، وطائفة من أهل النظر والأثر : لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة بأسرها ، قالوا : وهو ظاهر الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، ولم يقل أحد من رواة ( هذا ) الحديث حتى رمى بعضها حتى إنه قال بعضهم في حديث عائشة : ثم قطع التلبية في آخر حصاة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان : حدثنا قاسم بن أصبغ : حدثنا بكر بن حماد : حدثنا مسدد : حدثنا عبد الله بن داود عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أنه كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى حتى ( رمى ) جمرة العقبة ، وحدثنا عبد الوارث : حدثنا قاسم : حدثنا بكر : حدثنا مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل من جمع ، وأن الفضل حدثه فذكر الحديث مثله .

وحدثنا سعيد بن نصر : حدثنا قاسم بن أصبغ : حدثنا الترمذي : حدثنا الحميدي : حدثنا سفيان : حدثنا محمد بن أبي [ ص: 82 ] حرملة : أخبرنا كريب ( عن ) ابن عباس عن الفضل بن عباس ، وكان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - في المزدلفة حتى رمى الجمرة قال : لم أزل أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى الجمرة " جمرة العقبة " وروى سفيان بن عيينة عن يزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس : سمعت عمر يهل بالمزدلفة فقلت : يا أمير المؤمنين فيم الإهلال ؟ قال : هل قضينا نسكنا بعد . ذكره ابن المقري عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن جده عن سفيان .

قال أبو عمر : من اعتبر الآثار المرفوعة في هذا الباب ، مثل حديث محمد بن أبي بكر الثقفي عن أنس ، وحديث عمر وحديث ابن عباس ، وغيرها استدل على الإباحة في ذلك ، ولهذا ما اختلف السلف فيه هذا الاختلاف ، ولم ينكر بعضهم على بعض ، ولما كان ذلك مباحا استحب كل واحد منهم ما ذكرنا عنه ، ومال إليه استحبابا لا إيجابا ، والله أعلم .

أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، وسعيد بن حمير قالا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال : حدثنا إسماعيل بن [ ص: 83 ] خليل قال : حدثنا علي بن مسهر قال : أخبرنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب قال : أفاض عبد الله من عرفات ، وهو يلبي فسمعه رجل فقال : من هذا الملبي ، وليس بحين التلبية ؟ فقيل له : إنه ابن أم عبد ، فاندس بين الناس ، وذهب فذكر لعبد الله فجعل يلبي لبيك عدد التراب .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا علي ابن المديني قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن خالد قال : حدثني وبرة قال : سألت ابن عمر عن التلبية يوم عرفة فقال : التكبير أحب إلي ، وذكر ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن جابر قال : يهل ما دون عرفة ، ويكبر يوم عرفة ، وذكر حماد بن زيد عن سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين قال : حججت زمن ابن الزبير فسمعته يوم عرفة يقول : ألا وإن أفضل الدعاء اليوم التكبير ، وهذا على الأفضل عنده ، والله أعلم .

ومن حجة من اختار التلبية حتى يرمي في جمرة العقبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل ، وقال : خذوا عني مناسككم وهو المبين عن الله مراده ، وهي زيادة في الرواية يجب قبولها .

[ ص: 84 ] ومن جهة النظر أن المحرم لا يحل من شيء من إحرامه ، ولا يلقي عنه شيئا من شعثه حتى يرمي جمرة العقبة ، فإذا رماها فقد حلت له أشياء كانت محظورة عليه ، وذلك أول إحلاله ، فينبغي أن تكون تلبيته بالحج على حسب ما كانت عليه من حين أحرم إلى ذلك الوقت ، والله أعلم .

ومعنى التلبية إجابة إبراهيم فيما ذكروا قال مجاهد وغيره : لما أمر إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام ، فقال : يا عباد الله أجيبوا الله ، فقالوا : ربنا لبيك ربنا لبيك ، فمن حج البيت فهو ممن أجاب دعوته .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا وكيع ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى حتى رمى جمرة العقبة ، واختلف الفقهاء في قطع التلبية في العمرة ، فقال الشافعي : يقطع التلبية في العمرة إذا افتتح الطواف ، وقال مالك : لا يقطع المحرم التلبية في العمرة إذا أحرم من التنعيم حتى يرى البيت ، وأما من أحرم من المواقيت بعمرة فإنه يقطع التلبية إذا دخل الحرم وانتهى إليه ، قال : وبلغني ذلك عن ابن عمر ، وعروة بن الزبير ، واختلف العلماء في الطواف ( في التلبية ) للحاج ، [ ص: 85 ] فكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يلبي إذا طاف بالبيت ، ولا يرى به بأسا ، وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل أنه لا بأس بذلك ، وأنكر ذلك سالم ، قال ابن عيينة : ما رأيت أحدا يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب ، وقال إسماعيل : لا يزال الرجل ملبيا حتى يبلغ الغاية التي إليها يكون استجابته ، وهو الموقف بعرفة ، وقد تقدم قول علي ، وابن عمر ، واختار مالك لذلك ، والحمد لله ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية