التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
746 [ ص: 95 ] حديث ثان لأبي الأسود . مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير أنه أخبره عن عائشة أم المؤمنين قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج وحده ، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج ، فأما من أهل بعمرة فحل ، وأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر .


قال أبو عمر : هذا حديث ثابت صحيح ، وقد روي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، خرج إلى الحج ، فمن أصحابه من أهل بحج ، ومنهم من جمع الحج والعمرة ، ومنهم من أهل بعمرة ، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحل ، وأما من كان أهل بعمرة فحل . [ ص: 96 ] وهذا الحديث المرسل داخل في مسند أبي الأسود عن عروة عن عائشة . هذا ، وفيه خروج النساء في سفر الحج مع أزواجهن ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء . واختلفوا في المرأة لا يكون لها زوج ، ولا ذو محرم منها هل تخرج إلى الحج دون ذلك مع النساء أم لا ؟ وهل المحرم من الاستطاعة أم لا ؟ وسنذكر الاختلاف في ذلك ( إن شاء الله ) في باب سعيد ( بن أبي سعيد ) المقبري من كتابنا هذا عند قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها رواه مالك عن أبي سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي هذا الحديث أيضا أعني الحديث المذكور في هذا الباب عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة إباحة التمتع بالعمرة إلى الحج ، وإباحة القران ، وهو جمع الحج والعمرة ، وهذا ما لا خلاف بين العلماء فيه ، وإنما اختلفوا في الأفضل في ذلك ، وكذلك اختلفوا فيما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به محرما ( في خاصته ) عام حجة الوداع ، وقد ذكرنا ذلك كله ، وذكرنا الآثار الموجبة لاختلافهم فيه ، وأوضحنا ذلك بما فيه كفاية في باب حديث ابن شهاب [ ص: 97 ] عن عروة من كتابنا هذا ، وفي باب ابن شهاب ، عن محمد بن الحارث بن نوفل ، والحمد لله . وفيه أن من كان قارنا أو مفردا لا يحل دون يوم النحر ، وهذا معناه بطواف الإفاضة فهو الحل كله لمن رمى جمرة العقبة قبل ذلك يوم النحر ضحى ، ثم طاف الطواف المذكور ، وهذا أيضا لا خلاف فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية