التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1752 [ ص: 118 ] [ ص: 119 ] حديث ثان لمحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة .

مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال : سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يرد الله به خيرا يصب منه .


قال أبو عمر : هذا حديث صحيح ، ومعناه ، والحمد لله واضح ; وذلك أن من أراد الله به خيرا ، وخير الله في هذا الموضع رحمته ، ابتلاه بمرض في جسمه ، وبموت ولد يحزنه ، أو بذهاب مال يشق عليه فيأجره على ذلك كله ، ويكتب له إذا صبر ، واحتسب بكل شيء منه حسنات يجدها في ميزانه لم يعملها ، أو يجدها كفارة لذنوب قد عملها ، فذلك الخير المراد به في هذا الحديث ، والله أعلم . روينا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من وجوه شتى أنه لما نزلت : من يعمل سوءا يجز به بكى وحزن لذلك ، وقال : يا رسول الله ! أنجازى بكل ما نعمل ؟ فقال له رسول الله - صلى [ ص: 120 ] الله عليه وسلم - : يا أبا بكر ، ألست تمرض ؟ ألست تنصب ؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ قال : بلى ، قال : فذلك ما تجزون به في الدنيا ، وروينا من حديث معاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا أراد الله بعبد خيرا صرف المصيبة عن نفسه إلى ماله ليأجره ، فسبحان المتفضل المنعم لا شريك له . والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا لا وجه لاجتلابها ، ومن طلب العلم لله فالقليل يكفيه ، ومن طلبه للناس فحوائج الناس كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية