التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1374 [ ص: 7 ] حديث ثالث عشر لنافع عن ابن عمر

مالك عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار


لا خلاف عن مالك في لفظ هذا الحديث بهذا الإسناد ، ورواه أيوب عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر هكذا قال حماد بن زيد عن أيوب .

ورواه شعبة ، وسعيد بن أبي عروبة عن أيوب بإسناده ، بلفظ حديث مالك ومعناه ; ورواه ابن علية ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مثله : البيعان بالخيار حتى يتفرقا أو يكون بيع خيار قال وربما قال نافع : أو يقول أحدهما لصاحبه اختر . ورواه [ ص: 8 ] عبيد الله بن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي عليه السلام فقال فيه : ما لم يتفرقا أو يكون خيار .

ولفظ عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، عن النبي عليه السلام : كل بيعين فلا بيع بينهما حتى يتفرقا قال : إلا بيع الخيار وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا . من وجوه كثيرة : من حديث سمرة بن جندب ، وأبي برزة الأسلمي ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وحكيم بن حزام ، وغيرهم .

وأجمع العلماء على أن هذا الحديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه من أثبت ما نقل الآحاد العدول . واختلفوا في القول به والعمل بما دل عليه : فطائفة استعملته وجعلته أصلا من أصول الدين في البيوع ، وطائفة ردته ; فاختلف الذين ردوه في تأويل ما ردوه به ، وفي الوجوه التي بها دفعوا العمل به .

فأما الذين ردوه : فمالك ، وأبو حنيفة وأصحابهما ، لا أعلم أحدا رده غير هؤلاء ، إلا شيء روي عن إبراهيم النخعي ; [ ص: 9 ] فأما مالك - رحمه الله - ( فإنه ) قال في موطئه لما ذكر هذا الحديث : وليس لهذا عندنا حد معروف ، ولا أمر معمول به . واختلف المتأخرون من المالكيين في تخريج وجوه قول مالك هذا ، فقال بعضهم : دفعه مالك - رحمه الله - بإجماع أهل المدينة على ترك العمل به ، وإجماعهم حجة فيما أجمعوا عليه ، ومثل هذا يصح فيه العمل ، لأنه مما يقع متواترا ولا يقع نادرا فيجهل ; فإذا أجمع أهل المدينة على ترك العمل به ، وراثة بعضهم عن بعض ، فمعلوم أن هذا توقيف أقوى من خبر الواحد ، والأقوى أولى أن يتبع

وقال بعضهم لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة ، لأن سعيد بن المسيب وابن شهاب ، وهما أجل فقهاء أهل المدينة ، روي عنهما منصوصا ( العمل به ) ، ولم يرو عن أحد من أهل المدينة - نصا - ترك العمل به إلا عن مالك ، وربيعة ، وقد اختلف فيه عن ربيعة ; وقد كان ابن أبي ذئب - وهو من فقهاء أهل المدينة في عصر مالك - [ ص: 10 ] ينكر على مالك اختياره ترك العمل به ; حتى جرى منه لذلك في مالك قول خشن ، حمله عليه الغضب ، ولم يستحسن مثله منه ; فكيف يصح لأحد أن يدعي إجماع أهل المدينة في هذه المسألة ؟ هذا ما لا يصح القول به ; وقال هذا القائل في معنى قول مالك : وليس لهذا عندنا حد معروف ، ولا أمر معمول به ، إنما أراد الخيار ، لأنه قال ذلك بإثر قوله : إلا بيع الخيار ، وأراد مالك بقوله هذا ليس عندنا في المدينة في الخيار حد معروف ، ولا أمر معمول به فيه - إنكارا لقول أهل العراق وغيرهم القائلين بأن الخيار لا يكون في جميع السلع - إلا ثلاثة أيام ، والخيار عند مالك ، وأهل المدينة ، يكون ثلاثا وأكثر ، وأقل - على حسب اختلاف حال المبيع ، وليس الخيار عنده في الحيوان ، كهو في الثياب ، ولا هو في الثياب كهو في العقار ، وليس لشيء من ذلك حد بالمدينة لا يتجاوز - كما زعم المخالف ; قال : فهذا معنى ما أراد مالك - رحمه الله - بقوله : وليس لهذا عندنا حد معروف ، ولا أمر معمول به ، أي ليس للخيار واشتراطه عندنا حد لا يتجاوز في العمل به سنة ، كما زعم من خالفنا ; قال وأما حديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإنما رده اعتبارا ونظرا واختيارا ، مال فيه إلى بعض أهل بلده كما صنع في سائر مذهبه . [ ص: 11 ]

قال أبو عمر : قد أكثر المتأخرون من المالكيين والحنفيين من الاحتجاج لمذهبهما في رد هذا الحديث بما يطول ذكره ، وأكثره تشغيب ، لا يحصل منه على شيء لازم لا مدفع له ; ومن جملة ذلك أنهم نزعوا بالظواهر ، وليس ذلك من أصل مذهبهم ، فاحتجوا بعموم قول الله عز وجل ( أوفوا بالعقود ) قالوا : وهذان قد تعاقدا وفي هذا الحديث إبطال الوفاء بالعقد ; وبعموم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه . قالوا فقد أطلق بيعه إذا استوفاه قبل التفريق وبعده . وبأحاديث كثيرة مثل هذا فيها إطلاق البيع دون ذكر التفرق ، وهذه ظواهر وعموم لا يعترض بمثلها على الخصوص والنصوص . وبالله التوفيق .

واحتجوا أيضا بلفظة رواها عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله . [ ص: 12 ] قالوا : فهذا يدل على أنه قد تم البيع بينهما قبل الافتراق ، لأن الإقالة لا تصح إلا فيما قد تم من البيوع .

وقالوا قد يكون التفرق بالكلام ، كعقد النكاح وشبهه ، وكوقوع الطلاق الذي قد سماه الله فراقا ; والتفرق في لسان العرب معروف أيضا ، كما هو بالأبدان ; واعتلوا بقول الله عز وجل ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) وقوله ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ) وبقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تفترق أمتي لم يرد بأبدانهم ، قالوا ولما كان الاجتماع بالأبدان لا يؤثر في البيع ; كذلك الافتراق لا يؤثر في البيع ; وقالوا إنما أراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - : المتبايعان بالخيار المتساومين قال : ولا يقال لهما متبايعان ، إلا ما داما في حال فعل التبايع ، فإذا وجب البيع لم يسميا متبايعين ، وإنما يقال كانا متبايعين ، مثل ذلك المصلي ، [ ص: 13 ] والآكل ، والشارب ، والصائم ، فإذا انقضى فعله ذلك ، قيل وكان آكلا ، ومصليا ، وشاربا ; ولم يقل إنه صائم ، أو مصل ، أو آكل ، أو شارب - إلا مجازا ، أو تقريبا واتساعا ، وهذا لا وجه له في الأحكام ، قالوا فهذا يدل على أنه أراد بقوله البيعان بالخيار ما لم يفترقا والمتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا - المتساومين . وعن أبي يوسف القاضي ، أنه قال : هما المتساومان . قال فإذا قال : بعتك بعشرة ، فللمشتري الخيار في القبول في المجلس قبل الافتراق ، وللبائع خيار الرجوع في قوله قبل قبول المشتري ; وعن عيسى بن أبان نحوه أيضا . وقال محمد بن الحسن : معنى قوله في الحديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أن البائع إذا قال قد بعتك ، فله أن يرجع ما لم يقل المشتري قد قبلت ; وهو قول أبي حنيفة وقد روي عن أبي حنيفة أنه كان يرد هذا الخبر باعتباره إياه على أصوله كسائر فعله في أخبار الآحاد ، كان يعرضها على الأصول المجتمع عليها عنده ، ويجتهد في قبولها أو ردها ; فهذا أصله في أخبار الآحاد ، وروي عنه أنه كان يقول في رد هذا الحديث : أرأيت إن كانا في سفينة ، أرأيت إن كانا في سجن ، أو قيد كيف يفترقان ؟ إذن فلا يصح بين هؤلاء بيع أبدا . وهذا مما عيب به أبو حنيفة وهو أكبر عيوبه ، وأشد ذنوبه ، عند أهل الحديث الناقلين لمثالبه ، [ ص: 14 ] باعتراضه الآثار الصحاح ، ورده لها برأيه ; وأما الإرجاء المنسوب إليه ، فقد كان غيره فيه أدخل ، وبه أقول ; لم يشتغل أهل الحديث من نقل مثالبه ، ورواية سقطاته ، مثل ما اشتغلوا به من مثالب أبي حنيفة ; والعلة في ذلك ما ذكرت لك لا غير ; وذلك ما وجدوا له من ترك السنن . وردها برأيه ; أعني السنن المنقولة بأخبار العدول الآحاد الثقات . والله المستعان .

وقال مالك لا خيار للمتبايعين - إذا عقد البيع بكلام وإن لم يفترقا . وذكر ابن خواز منداد عن مالك في معنى البائعين بالخيار ما لم يفترقا . نص ما ذكرناه عن محمد بن الحسن ، وأبي حنيفة ; كان إبراهيم النخعي يرى البيع جائزا ، وإن لم يفترقا . وقال سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وابن أبي ذئب ، والليث بن سعد ، وعبد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة ، وسوار القاضي ، والشافعي وأصحابه ، وعبد الله بن المبارك : إذا عقد المتبايعان بيعهما ، فهما جميعا بالخيار في إتمامه وفسخه ما داما في مجلسهما ، ولم يفترقا بأبدانهما ، والتفرق في ذلك كالتفرق في الصرف سواء . [ ص: 15 ] وهو قول أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي ثور ، وأبي عبيد ، وداود بن علي ، والطبري ; وروي ذلك عن عبد الله بن عمر ، وأبي برزة الأسلمي ، وسعيد بن المسيب ، وشريح القاضي ، والشعبي ، والحسن البصري ، وعطاء ، وطاوس والزهري ، وابن جريج ، ومعمر ، ومسلم بن خالد الزنجي ، والأوزاعي ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وقال الأوزاعي : هما بالخيار ما لم يفترقا إلا بيوع ثلاثة : بيع السلطان للغنائم ، والشركة في الميراث ، والشركة في التجارة ; فإذا صافقه في هذه الثلاثة ، فقد وجب البيع وليسا فيه بالخيار . قال : وحد الفرقة ; أن يتوارى كل واحد منهما عن صاحبه ، وهو قول أهل الشام . وقال الليث : التفرق أن يقوم أحدهما .

قال أبو عمر : قد أكثر الشافعيون في بطلان ما اعتل به المالكيون والحنفيون في هذه المسألة ، فمن جملة ذلك أنهم قالوا : لا حجة فيما نزع به المخالف من قول الله عز وجل : ( أوفوا بالعقود ) ، لأن هذا عموم تعترضه ضروب من التخصيص ، وإن ما يجب أن توفي به من العقود ما كان عقدا صحيحا في الكتاب والسنة ، أو في أحدهما ; وما لم يكن كذلك فليس يجب الوفاء به ; ألا ترى أنهما لو عقدا بيعا في الطعام قبل أن يستوفى ، أو عقد بيع على شيء من الربا ، أو على شيء [ ص: 16 ] من البيوع المنهي عنها المكروهة ، التي وردت السنة بإبطالها - هل كان يجب الوفاء بشيء من ذلك ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ولا طاعة إلا في المعروف

وأما ما اعتلوا به من ظواهرالآثار فغير لازم ، لأن البيع لا يتم إلا بالافتراق ، فلا وجه لما قالوه ; وأما اعتلالهم بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله فإن هذا معناه إن صح على الندب ; بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : من أقال مسلما أقال الله عثرته وبإجماع المسلمين على أن ذلك يحل لفاعله على ظاهر الحديث ، وقد كان ابن عمر - وهو الذي روى حديث البيعان بالخيار ما لم يفترقا - إذا بايع أحدا وأحب أن ينفذ البيع مشى قليلا ثم رجع ، وفي حديث عمرو بن شعيب أيضا ما يدل على أنه لا بيع بينهما ، وأن كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا . [ ص: 17 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا مطلب بن شعيب ، قال حدثنا أبو صالح ، وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا قتيبة بن عجلان عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله .

وأخبرنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال حدثنا إسحاق بن محمد القروي ، قال حدثنا مالك عن سمي بن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أقال نادما في بيع أو قال بيعته أقاله الله يوم القيامة وروى عبد الرزاق عن معمر ، عن محمد [ ص: 18 ] ابن واسع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بمثله ) . فهذا يدل على أن ذلك ندب . وقوله لا يحل لفظة منكرة ، فإن صحت فليست على ظاهرها ، لإجماع المسلمين أنه جائز له أن يفارقه لينفذ بيعه ولا يقيله إلا أن يشاء ، وفيما أجمعوا عليه من ذلك رد لرواية من روى : ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله .

فإن لم يكن وجه هذا الخبر الندب ، وإلا فهو باطل بإجماع ; وأما ما اعتلوا به من أن الافتراق قد يكون بالكلام ، وأنه جائز أن يكون أريد بذكر الافتراق في هذا الحديث - الافتراق بالكلام ، فيقال لهم خبرونا عن الكلام الذي وقع به الاجتماع ، وتم به البيع ، أهو الكلام الذي أريد به الافتراق أم غيره ؟ فإن قالوا هو غيره ، فقد أحالوا وجاءوا بما لا يعقل ولأنه ليس ثم ذلك وإن قالوا هو ذلك الكلام بعينه ، قيل لهم كيف يجوز أن يكون الكلام الذي به اجتمعا وتم بيعهما ، به افترقا ، وبه انفسخ بيعهما ، هذا ما لا يفهم ولا يعقل ، والاجتماع ضد [ ص: 19 ] الافتراق ، فكيف يجوز أن يكون الكلام الذي اجتمعا به ، افترقا به نفسه ، هذا عين المحال والفاسد من المقال .

وأما قولهم المتساومان في معنى المتبايعين ، فلا وجه له ، لأنه لا تكون حينئذ في الكلام فائدة ; ومعلوم أن المتساومين بالخيار كل واحد منهما على صاحبه ، ما لم يقع الإيجاب بالبيع والعقد والتراضي ، فكيف يرد الخبر بما لا يفيد فائدة ، وهذا ما لا يظنه ذو لب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وأما اعتلالهم بتسمية الفاعل بفعله الدائم ما دام يفعله ، كالمصلي والآكل ، وشبه ذلك ; فيدخل عليهم أن هذا لا يصح إلا في الأفعال المتعلقة بواحد كالصوم ، والصلاة ، والأكل ، والشرب ، وما أشبه ذلك ; أما الأفعال التي لا تتم إلا من اثنين كالمبايعة ، والمقاتة ، والمبارزة ، وما أشبه ذلك ; فلا يجوز أن يتم الاسم إلا وهو موجود منهما جميعا ، ويدخل عليهم أيضا أن السارق ، والزاني ، وما أشبههما ; لا يقع عليهما الاسم إلا بعد تمام الفعل الموجب للحد ، وما دام الاسم موجودا ، فالحد واجب ، إن لم يقم حتى يقام .

وأما قولهم لما لم يكن لاجتماع الأبدان تأثير في البيع ، فكذلك الافتراق بالأبدان لا يؤثر في البيع ، فيدخل عليهم أن [ ص: 20 ] التبايع لما لم يكن فيه بد من الكلام ، ثم ذكر عقبه التفريق ، علم أنه أريد به غير الكلام ; ويدل على ذلك فعل ابن عمر الذي روى الحديث ، وعلم مخرجه والمراد من معناه ; ومثل هذا قول عمر بن الخطاب لطلحة بن عبيد الله في الصرف لا تفارقه ولا إلى أن يلج بيته . وهو المفهوم من لسان العرب ، والمعروف من مرادها في مخاطباتها بالافتراق افتراق الأبدان ، وغير ذلك مجاز وتقريب واتساع . وبالله التوفيق .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا أبي ، قال حدثنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيع خيار قال وربما قال نافع أو يقول أحدهما اختر .

وحدثنا عبد الوارث ، قال حدثنا قاسم ، قال حدثنا محمد بن عبد السلام ، قال حدثنا محمد بن بشار ، وحدثنا عبد الوارث أيضا ، قال حدثنا قاسم ، قال حدثنا بكر بن حماد ، قال حدثنا [ ص: 21 ] مسدد ، قال حميد ، حدثنا يحيى بن عبيد الله ، قال أخبرني نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل بيعين أحدهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون خيارا .

وقرأت على عبد الوارث أيضا ، أن قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال حدثنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا أبي ، قال حدثنا ابن عيينة ، عن ابن جريج ، قال أملى علي نافع ، سمع عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا تبايع المتبايعان فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن خيار ( فإن كان بيعهما عن خيار ) فقد وجب .

وحدثنا عبد الوارث ، قال حدثنا قاسم ، قال حدثنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا موسى بن داود ، حدثنا الليث بن سعد عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا تبايع [ ص: 22 ] الرجلان ، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا ، وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر . فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع ، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع .

وحدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال حدثنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار

وأما حديث حكيم بن حزام ، فرواه شعبة عن قتادة ، أنه سمعه من أبي الخليل ، عن عبيد الله بن الحارث ، عنه ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبيد الله بن الحارث ، عن حكيم بن حزام ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : البيعان بالخيار ما لم يفترقا ، فإن [ ص: 23 ] صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا ، محقت البركة من بيعهما .

وأما حديث سمرة فرواه شعبة ، وهشام الدستوائي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وهمام ، وحماد بن سلمة ، وغيرهم ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وبعضهم يزيد فيه ، أو يكون بيعهما على خيار .

واختلف العلماء في معنى قوله : - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : إلا بيع الخيار وقوله أو يكون بيعهما عن خيار فقال قائلون : هذا الخيار المشترط من كل واحد منهما على حسب ما يجوز من ذلك ، كالرجل يشترط الخيار ثلاثة أيام أو نحوها ، ( فإن المسلمين على شروطهم ) ; وهذا قول الشافعي ، وأبي ثور ، وجماعة ، وقال آخرون : معنى قوله إلا بيع الخيار ، وقوله إلا أن يكون بيعهما عن خيار ونحو هذا ، هو أن يقول أحدهما بعد تمام البيع لصاحبه : اختر إنفاذ البيع أو فسخه ، فإن اختار إمضاء البيع ، تم البيع بينهما ، وإن لم يتفرقا ; هذا قول الثوري ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وابن عيينة ، [ ص: 24 ] وعبيد الله بن الحسن ، وإسحاق بن راهويه ، وروي ذلك أيضا عن الشافعي ، وكان أحمد بن حنبل يقول : هما بالخيار أبدا ، قالا هذا القول أو لم يقولاه حتى يفترقا بأبدانهما من مكانهما .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن بكر ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا مسدد ، قال حدثنا حماد عن جميل بن مرة ، عن أبي الوضي ، قال : غزونا غزوة فنزلنا منزلا ، فباع صاحب لنا فرسا بغلام ، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما ، فلما أصبحا من الغد وحضر الرجل ، قام إلى فرسه ليسرجه فندم ، فأتى صاحبه فقال : بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر ، فقصا عليه القصة ، فقال : أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم [ ص: 25 ] يفترقا قال هشام بن حسان : وحدث جميل أنه قال : ما أراكما افترقتما .

قال أبو عمر : جميل بن مرة يكنى أبا الوسمي ، بصري ، ثقة ، عند أحمد بن حنبل ، وغيره ، روى عنه حماد بن زيد ، وجماعة ، وأبو الوضي السحتني ، قال أحمد بن صالح تابعي ، ثقة ، سمع أبا برزة ، والحسن بن علي ، وغيرهما ، روى عنه هشام بن حسان ، وجميل بن مرة ، وقال الطحاوي : حديث أبي برزة هذا قال فيه جميل بن مرة ، عن أبي الوضي : باع صاحب لنا فرسا ، وقال فيه : أقمنا يومنا وليلتنا ، فلما كان من الغد ، قال هشام بن حسان ، عن أبي الوضي ، أنهم اختصموا إلى أبي برزة في جارية - وفيه : فبات المشتري مع [ ص: 26 ] البائع ، فلما أصبح قال لا أرضاها ، وبعضهم يقول فيه فقام معها ، قال أبو جعفر : ولا شك إذا كانا قد أقاما بعد تبايعهما يوما وليلة أنهما قد قاما إلى غائط ، أو بول ، أو صلاة ، أو قام إلى إسراج الفرس ، وقد قام معها في قصة الجارية ، وهذا عند الجميع تفرق ; قال : فمعنى قول أبي برزة في التفرق هاهنا التفرق بالبيع . لأن أحدهما أدى البيع والآخر جحده .

قال أبو عمر : الصحيح في حديث أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وغير ذلك تأويل أبي برزة ، والمراد من الحديث قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد جاء عن ابن عمر في تأويله غير ما ذهب إليه أبو برزة ، وابن عمر أفقه من أبي برزة وروايته أصح ، وحديثه أثبت ، وهو الذي عول عليه أكثر الفقهاء في هذا الباب ; قرأت على عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا مطلب بن شعيب ، قراءة عليه ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال حدثني الليث ، قال حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله قال : قال ابن عمر : كنا إذا تبايعنا كان [ ص: 27 ] كل واحد منا بالخيار ما لم يفترق المتبايعان ، قال فتبايعت أنا وعثمان مالا لي بالوادي بمال كثير ( بخيبر ) قال فلما بايعته طفقت على عقبي القهقرى ، خشية أن يرد لي عثمان البيع قبل أن أفارقه .

وأما قوله في حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر المذكور : إلا بيع الخيار ، فقد مضى ما للعلماء في تأويل هذه اللفظة ; واختلفوا في شرط الخيار ومدته ، فقال مالك : يجوز شرط الخيار شهرا أو أكثر ، هكذا حكى ابن خواز منداد عنه ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن ، والأوزاعي ، كلهم يقول بجواز اشتراط الخيار شهرا أو أكثر والشرط لازم إلى الوقت الذي يشترط فيه الخيار ، وهو قول أحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وإسحاق ، ولم يفرقوا بين أجناس المبيعات ; وذكر ابن القاسم ، وغيره ، عن مالك قال : يجوز شرط الخيار في بيع الثوب - اليوم ، واليومين ، وما أشبه ذلك ; وما كان أكثر من ذلك فلا خير فيه ، وفي الجارية يكون أبعد من ذلك قليلا : الخمسة أيام ، والجمعة ، ونحو ذلك ; وفي الدابة اليوم ، وما أشبهه ، يركبها ليعرف ويختبر ويستشير [ ص: 28 ] فيها ، وما بعد من أجل الخيار فلا خير فيه ، ولا فرق بين شرط الخيار للبائع والمشتري ; وقال الليث بن سعد : يجوز الخيار اليوم واليومين والثلاثة ، قال : وما بلغنا فيه وقت إلا أنا نحب أن يكون ذلك قريبا إلى ثلاثة أيام ، قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما : يجوز البيع في الأشياء بشرط الخيار للبائع والمشتري ثلاثة أيام ، إلا فيما يجب تعجيله في المجلس ، نحو الصرف ، والسلم .

وقال أبو حنيفة ، وزفر ، والشافعي : لا يجوز اشتراط الخيار أكثر من ثلاث في شيء من الأشياء ، فإن فعل فسد البيع ; قال الشافعي : ولولا الخبر ما جازت الثلاثة ولا غيرها في الخيار ، وقال ابن شبرمة والثوري : لا يجوز اشتراط الخيار للبائع بحال ، قال الثوري : إن اشترط البائع الخيار فالبيع فاسد ; قال ويجوز شرط الخيار للمشتري عشرة أيام وأكثر . وقال الحسن بن حي : إذا اشترى الرجل الشيء فقال له البائع اذهب فأنت فيه بالخيار ، فهو فيه بالخيار أبدا ، حتى يقول قد رضيت ، وقال : ما أدري ما الثلاث إذا باعه فقد رضي ؟ وإن كانت جارية بكرا فوطئها فقد رضي ، وقال عبيد الله بن الحسن : [ ص: 29 ] لا يعجبني طول الخيار ، وكان يقول للمشتري الخيار ما رضي البائع ، ولا يجوز عند مالك النقد في بيع الخيار ، فإن اشترط النقد في بيع الخيار فالبيع فاسد ، وفي مذهب أبي حنيفة أيضا ، لا يجب نقد الثمن مع بقاء الخيار ، فإن اشترط نقد الثمن مع بقاء الخيار ، فالشرط فاسد ، والبيع صحيح .

قال أبو عمر : أما الخبر الذي يزعم الشافعي أنه لولاه ما جاز اشتراط الخيار للبائع أصلا ، ولا للمشتري ، وإنما أجازه ثلاثا من أجله ; فحديث سفيان بن عيينة ، رواه الشافعي والناس عنه ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن منقذا شج في رأسه مأمومة في الجاهلية ، فحبلت لسانه ، فكان مخدعا في البيع ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بع وقل ولا خلابة ، ثم أنت بالخيار ، ثلاثا من بيعك .

وحديث أيوب وهشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من ابتاع مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام . وروى عبيد الله بن عمر ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 30 ] - مثله ، وسنذكر المصراة والحكم فيها ، وما للعلماء في ذلك ، في باب أبي الزناد من كتابنا هذا - إن شاء الله . وجماعة الفقهاء بالحجاز ، والعراق ، يقولون : إن مدة الخيار إذا انقضت قبل أن يفسخ من له الخيار البيع ، تم البيع ولزم ; وبه قال المتأخرون من الفقهاء أيضا : أبو ثور ، وغيره ، إلا أن مالكا قال : إذا اشترط المشتري الخيار لنفسه ثلاثا ، فأتى به بعد مغيب الشمس من آخر أيام الخيار ، أو من الغد ، أو قرب ذلك ، فله أن يرد ، وإن تباعد ذلك لم يرد ; وهو رأي ابن القاسم . قال مالك : إن اشترط أنه إن غابت الشمس من آخر أيام الخيار فلم يأت بالثوب ، لزم البيع ، فلا خبر في هذا البيع ، وهذا مما انفرد به أيضا رحمه الله ; وحجة من أجاز الخيار واشترطه أكثر من ثلاث ; قوله - صلى الله عليه وسلم - : المسلمون على شروطهم .

قال أبو عمر : ومن هذا الباب أيضا اختلافهم في لفظ الإيجاب والقبول ، فقال مالك : إذا قال بعني سلعتك بعشرة ، فقال بعتك ، صح البيع ، ولا يحتاج الأول أن يقول : قد قبلت . وهو قول الشافعي في البيوع ، إلا أنه قال : في النكاح إذا [ ص: 31 ] قال له : قد زوجتك ، وقال قد قبلت . لم يصح حتى يقول المتزوج زوجني ابنتك ، ويقول الآخر قد زوجتكها ; ويقول المتزوج : قد قبلت نكاحها .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا قال بعني سلعتك بكذا ، فقال الآخر قد بعتك لم يصح ، إلا أن يقول الأول قد قبلت ، وهو قول ابن القاسم ، وذكر الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه ، إذا قال زوجني ، فقال قد زوجتكها ، كان تزويجا ; ولا يحتاج إلى قبول الزواج بعد ذلك ، قال : فرقوا بين البيع والنكاح .

وحكي عن الشافعي أن قوله في البيوع أيضا مثل قوله في النكاح ، ولم يختلف قوله في النكاح .

وقال الحسن بن حي : إذا قال أبيعك هذا الثوب بثمن - ذكره ، فقال المشتري : قد قبلت ، فالبائع بالخيار إن شاء ألزمه ، وإن شاء لم يلزمه .

وعن مالك في هذا الباب مسألة يخالفه فيها الجماعة الفقهاء فيما ذكر الطحاوي ، قال مالك فيما ذكر ابن القاسم عنه : إذا قال بكم سلعتك ؟ فيقول مائة دينار ، فيقول الرجل أخذتها ، فيقول : [ ص: 32 ] لا أبيعك . وقد كان أوقفها للبيع ، فإنه يحلف بالله ما ساومه على الإيجاب في البيع ، ولا على الركون ، وإنما ساومه وهو يريد غير الركون ، فإن حلف كان القول قوله ، وإن لم يحلف لزمه .

قال أبو جعفر الطحاوي : ما ذكر ابن القاسم عن مالك ; بأنه يصدق أنه لم يرد به عقد بيع في الخطاب الذي ظاهره البيع ، فإذا لم نعلم أحدا من أهل العلم قاله غيره ، وجاز الخيار عند مالك وأصحابه ( إلى غير مدة معلومة ) ، إذا جعل الخيار بغير مدة معلومة ، ويجعل السلطان له في ذلك من الخيار ما يكون في مثل تلك السلعة .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا جعل الخيار بغير مدة معلومة ، فسد البيع كالأجل الفاسد سواء ; فإن أجازه في الثلاث ، جاز عند أبي حنيفة ، وإن لم يجزه حتى مضت الثلاث ، لم يكن له أن يجيز .

وقال أبو يوسف ، ومحمد : له بعد الثلاث . وقياس قول الشافعي عندي في هذه المسألة ; أن يكون البيع فاسدا ، ولا يجوز وإن أجازه في الثلاث . [ ص: 33 ] وقالت طائفة ، منهم الحسن بن حي ، وغيره : جائز اشتراط الخيار بغير مدة ، ويكون الخيار أبدا .

وقال الطبري : إذا لم يضرب للخيار وقتا معلوما كان البيع صحيحا والثمن حالا ، وكان له الخيار في الوقت ; إن شاء أمضى ، وإن شاء رد ; وعند مالك ، والشافعي ، وعبيد الله بن الحسن : يورث الخيار ، ويقوم ورثة الذي له الخيار مقامه إن مات في أيام الخيار .

وقال الثوري ، وأبو حنيفة : يبطل الخيار بموت من له الخيار ويتم البيع ، وعند مالك ، والليث بن سعد ، والأوزاعي : هلاك المبيع في أيام الخيار من البائع منه مصيبة ، والمشتري أمين ، وهو قول ابن أبي ليلى : إذا كان الخيار للبائع خاصة ، وقال الثوري : إذا كان الخيار للمشتري فعليه الثمن .

وقال أبو حنيفة : إن كان الخيار للبائع فالمشتري ضامن للقيمة ، وإن كان الخيار للمشتري فعليه الثمن ، وقد تم البيع ، على كل حال بالهلاك ; وحكى الربيع مثل ذلك عن الشافعي ، وقال الشافعي : فيما حكى المازني عنه : لأيهما كان الخيار ، فالمشتري ضامن للقيمة إذا هلك في يده بعد قبضه [ ص: 34 ] له ، وهذا كله على أصولهم في هلاك المبيع بعد القبض عند المشتري على ما تقدم عنهم ذكره في الباب قبل هذا ، فهذه أمهات مسائل الخيار وأصوله ، وأما الفروع في ذلك فلا تكاد تحصى ، وليس في مثل كتابنا تتقصى .

التالي السابق


الخدمات العلمية