التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
حديث رابع لأيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين

مالك ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن محمد بن سيرين أن رجلا جعل على نفسه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب ، فيحلب فيشرب ويسقيه إلا حج ، وحج به معه ، فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ ، وقد [ ص: 389 ] كبر الشيخ ، فجاء ابنه إلى النبي عليه السلام ، فأخبره الخبر ، وقال : إن أبي قد كبر ولا يستطيع أن يحج ، أفأحج عنه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم .


هذا حديث مقطوع ، من رواية مالك بهذا الإسناد ، وليس عند يحيى ولا عند من ليس عنده الحديث الذي قبل هذا ، وهما جميعا مما رماه مالك بآخرة من كتابه ، وهما عند مطرف ، والقعنبي ، وابن وهب ، وابن القاسم ، في الموطأ ، ومعنى هذا الحديث والحديث الذي قبله سواء ، وما ذكرنا من الأسانيد في الحديث الذي قبله يغني عن ذكرها وتكرارها هاهنا إذ المعنى فيهما واحد ، وهو حج المرء عن غيره ، وهل يلزم الحج من عجز عنه بدنه ، والقول في هذا يأتي في باب حديث ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار في قصة الخثعمية وأبيها إن شاء الله .

أخبرنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة - ح - وحدثنا محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قالا : أخبرنا وكيع قال : أخبرنا شعبة ، عن النعمان بن سالم ، عن عمرو بن أوس ، عن أبي رزين العقيلي أنه قال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة والظعن ، فقال : حج عن أبيك واعتمر .

أخبرنا عبد الله بن محمد قال : أخبرنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا حفص بن عمر ، ومسلم قالا : حدثنا شعبة ، عن [ ص: 390 ] النعمان بن سالم ، عن عمرو بن أوس ، عن أبي رزين قال حفص في حديثه : رجل من بني عامر ، أنه قال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن ، قال : احجج عن أبيك واعتمر .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال : جاء رجل من خثعم إلى رسول الله ، فقال : إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الركوب ، وأدركته فريضة الله في الحج ، فهل يجزئ أن أحج عنه ؟ قال : أنت أكبر ولده ؟ قال : نعم ، قال : أرأيت لو كان عليه دين أكنت تقضيه ؟ قال : نعم ، قال : فحج عنه ، وهذا المعنى وما فيه من تنازع العلماء سيأتي في باب ابن شهاب إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية