التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
627 [ ص: 312 ] حديث تاسع وثلاثون لنافع ، عن ابن عمر

مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على كل حر ، أو عبد ذكر ، أو أنثى من المسلمين .


لم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث ، ولا في متنه ، ولا في قوله فيه من المسلمين إلا قتيبة بن سعيد وحده ، فإنه روى هذا الحديث عن مالك ، ولم يقل فيه من المسلمين ، وسائر الرواة عن مالك قالوا : عنه فيه من المسلمين ، وكذلك هو في الموطأ عند جميعهم فيما علمت ، وقد زعم بعض الناس أنه لا يقول : فيه أحد من المسلمين غير مالك ، وذكره أيضا أحمد بن خالد ، عن ابن وضاح ، وليس كما ظن الظان ، وقد قاله غير مالك جماعة ولو انفرد به مالك لكان حجة يوجب حكما عند أهل العلم فكيف ، ولم ينفرد به ، وقد رواه إسماعيل بن جعفر ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر . [ ص: 313 ] ورواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ورواه كثير بن فرقد ، عن نافع ، عن ابن عمر ويونس بن يزيد ، عن نافع ، عن ابن عمر كلهم قالوا فيه من المسلمين ، وذكر أحمد بن خالد أن بعض أصحابه حدثه عن يوسف بن يعقوب القاضي ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي عليه السلام بهذا الحديث ، وقال فيه من المسلمين .

قال أبو عمر : هذا عند أهل العلم بالحديث خطأ على أيوب لا شك فيه ، والمحفوظ عن أيوب فيه من رواية حماد بن زيد وإسماعيل ابن علية وحماد بن سلمة ، وسلام بن أبي مطيع ، وعبد الله بن شوذب ، وعبد الوارث بن سعيد ، وسفيان بن عيينة كلهم رواه عن أيوب لم يقل فيه من المسلمين عنه واحد منهم وأحمد بن خالد ثقة مأمون رضي ، وإنما جاء هذا من بعض أصحابه الذي حدثه - والله أعلم - . [ ص: 314 ] وأما عبيد الله بن عمر فلم يقل فيه من المسلمين عنه أحد فيما علمت أيضا غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ورواه ، عن عبيد الله بن عمر يحيى بن سعيد القطان وبشر بن المفضل وعيسى بن يونس ، وأبو أسامة ومحمد بن عبيد الطنافسي لم يقل واحد منهم فيه عنه من المسلمين ، ورواه ابن جريج ، وابن أبي ليلى ، وابن أبي رواد ، ( وغيرهم أيضا ) ، عن نافع فلم يقولوا فيه من المسلمين .

فأما حديث أيوب فحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حماد يعني ابن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة رمضان على الذكر والأنثى ، والحر ، والمملوك صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير . قال عبد الله : فعدل الناس نصف صاع من بر بصاع من تمر قال : وكان عبد الله يعطي التمر فأعوز أهل المدينة التمر عاما فأعطى الشعير .

وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مسدد ، وسليمان بن داود العتكي قالا : حدثنا حماد ، عن أيوب [ ص: 315 ] ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله حرفا بحرف إلى آخره ليس فيه من المسلمين .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن وضاح ، قال : حدثنا حامد بن يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدقة الفطر صاع من تمر ، أو صاع من شعير . قال ابن عمر : فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع شعير قال نافع : فكان عبد الله بن عمر يخرج زكاة الفطر ، عن الصغير من أهله ، والكبير ، والحر ، والعبد .

قال أبو عمر : هكذا قال ابن عيينة ، عن أيوب في الحديث قال ابن عمر : فلما كان معاوية ، وقال : ابن أبي رواد فيه ، عن نافع فلما كان عمر ويأتي ذلك في هذا الباب إن شاء الله .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : ( أخبرنا ) عمران بن موسى ، عن عبد الوارث ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة رمضان على الحر ، والعبد ، والذكر والأنثى صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير فعدل الناس [ ص: 316 ] به نصف صاع من بر وكل من رواه عن أيوب لم يقل فيه من المسلمين إلا ما ذكره أحمد بن خالد فالله أعلم ممن جاء الوهم في ذلك .

وأما حديث عبيد الله بن عمر فحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد قالا : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل قالا : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فرض صدقة الفطر صاعا من شعير أو تمر على الصغير والكبير والحر والمملوك زاد بشر ، والذكر والأنثى قال أبو داود : وهو صحيح في حديث أيوب وعبيد الله الذكر والأنثى .

قال أبو عمر : قد سقط لقوم عن أيوب ولقوم عن عبيد الله في هذا الحديث الذكر والأنثى ولكن من حفظ حجة على من لم يحفظ .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا حمزة بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا عيسى بن يونس قال : [ ص: 317 ] حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي العنبس ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد صغير أو كبير .

وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا الهيثم بن خالد الجهني ، قال : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعا من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب قال عبد الله : فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء .

قال أبو عمر : لم يقل أحد من أصحاب نافع عنه في هذا الحديث فيما علمت " أو سلت ، أو زبيب " إلا عبد العزيز بن أبي رواد ، وقال فيه : فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل [ ص: 318 ] نصف صاع مكان تلك الأشياء ، وابن عيينة يقول : فيه فلما كان معاوية وقول ابن عيينة عندي أولى - والله أعلم - لأنه أحفظ وأثبت من ابن أبي رواد .

وأما من ذكر في هذا الحديث من المسلمين كما قال مالك : فحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن وضاح ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب البغدادي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على كل حر ، أو عبد ذكر ، أو أنثى من المسلمين .

وحدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود قالا : أخبرنا يحيى بن محمد بن . . . . . . الموطأ ، قال : حدثنا محمد بن جهضم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الحر ، والعبد ، والذكر والأنثى ، والصغير [ ص: 319 ] ، والكبير من المسلمين فأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . قال أبو داود : رواه عبد الله العمري ، عن نافع فقال فيه على كل مسلم ، ورواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله ، عن نافع فقال : فيه من المسلمين قال : والمشهور ، عن عبيد الله ليس فيه من المسلمين .

وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا الميمون بن حمزة ، قال : حدثنا أبو جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلمة بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا فهد بن سليمان وطاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق الهلالي قالا : حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن يونس بن يزيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث مالك سواء .

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، وعبد الله بن محمد بن علي ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز ومحمد بن محمد بن أبي دليم قالوا : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكر ، عن الليث ، عن كثير [ ص: 320 ] بن فرقد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : زكاة الفطر على كل حر وعبد من المسلمين صاع من تمر أو صاع من شعير .

وأما رواية قتيبة بن سعيد لهذا الحديث ، عن مالك فحدثنا أحمد بن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل الخفاف ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي وحدثنا محمد بن إبراهيم بن سميد ، قال : حدثنا محمد بن معاوية وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، قال : حدثنا الحسن بن الخضر الأسيوطي قالا : حدثنا أحمد بن شعيب قالا جميعا أخبرنا قتيبة بن سعيد قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر على الذكر والأنثى ، والحر والمملوك صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير . زاد أحمد بن شعيب في حديثه قال : فعدل الناس إلى نصف صاع بر . وزاد جعفر بن محمد في حديثه قال : وكان ابن عمر يخرج ، عن غلمان له وهم غيب . هكذا روى هذا الحديث قتيبة ، عن مالك لم يقل [ ص: 321 ] فيه من المسلمين ، وزاد عنه ألفاظا لم يذكرها غيره عنه في الموطأ من قول ابن عمر وفعله وأظنه خلط عليه حديث مالك بحديث غيره - والله أعلم - والمحفوظ فيه عن مالك من المسلمين .

وفي هذا الحديث من الفقه معان اختلفت العلماء في بعضها وأجمعوا على بعضها فأول ذلك أنهم اختلفوا في زكاة الفطر هل هي فرض واجب ، أو سنة مؤكدة ، أو فعل خير مندوب إليه فجمهور العلماء ، وجماعة الفقهاء على أنها فرض واجب فرضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال ابن عمر : وقال قائلون : هي سنة مؤكدة ، ولا ينبغي تركها ، وقال بعضهم : هي فعل خير ، وقد كانت واجبة ثم نسخت . روي هذا ( القول ) عن قيس بن سعد أخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك وأخبرنا أحمد بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا أبو [ ص: 322 ] كريب قالا : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهل ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن أبي عمار الهمداني ، عن قيس بن سعد قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ، ولم ينهنا ونحن نفعله .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن قيس بن سعد بن عبادة قال : كنا نصوم عاشوراء ونؤدي صدقة الفطر فلما نزل رمضان ونزلت الزكاة لم نؤمر به ، ولم ننه عنه ونحن نفعله .

قال أبو جعفر الطبري : أجمع العلماء جميعا لا اختلاف بينهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بصدقة الفطر ثم اختلفوا في نسخها فقال : قيس بن سعد بن عبادة كان النبي عليه السلام يأمرنا بها قبل نزول الزكاة فلما نزلت آية الزكاة لم يأمرنا بها ، ولم ينهنا عنها ونحن نفعله قال : وقال جل أهل [ ص: 323 ] العلم هي فرض لم ينسخها شيء قال : وهو قول مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد ، وأبي ثور . قال الطبري : حدثنا بقول مالك يونس ، عن أشهب ، عن مالك قال : هي فرض ، وفي سماع زياد بن عبد الرحمن من مالك قال مالك : سئل عن تفسير قول الله عز وجل : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) هي التي قرنت بالصلاة قال : فسمعته يقول : هي زكاة الأموال كلها من الذهب ، والورق ، والثمار ، والحبوب ، والمواشي وزكاة الفطر وتلا ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ، وذكر أبو التمام قال : قال مالك : زكاة الفطر واجبة وبه قال أهل العلم كلهم إلا بعض أهل العراق ، فإنه قال : سنة مؤكدة .

قال أبو عمر : اختلف المتأخرون من أصحاب مالك في هذه المسألة فقال بعضهم : هي سنة مؤكدة ، وقال بعضهم : هي فرض واجب وممن ذهب إلى مذاهبهم أصبغ بن الفرج ، وكذلك اختلف أصحاب داود بن علي فيها أيضا على قولين : أحدهما أنها فرض واجب ، والآخر أنها سنة مؤكدة ، وسائر العلماء على أنها واجبة .

وأما قول ابن عمر في هذا الحديث فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر ، ( وقد قاله ابن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وقد ذكرنا حديث أبي سعيد فيما سلف من كتابنا [ ص: 324 ] من باب زيد بن أسلم ) ، فإنه يحتمل وجهين : أحدهما وهو الأظهر فرض بمعنى أوجب ، والآخر فرض بمعنى قدر من المقدار كما تقول فرض القاضي نفقة اليتيم أي قدرها وعرف مقدارها ، والذي أذهب إليه أن لا يزال قوله " فرض " على معنى الإيجاب إلا بدليل الإجماع وذلك معدوم في هذا الموضع ، وقد فهم المسلمون من قوله عز وجل ( فريضة من الله ) ونحو ذلك أنه شيء أوجبه وقدره وقضى به ، وقال الجميع للشيء الذي أوجبه الله هذا فرض وما أوجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن الله أوجبه ، وقد فرض الله طاعته وحذر عن مخالفته ، ففرض الله وفرض رسوله سواء إلا أن يقوم الدليل على الفرق بين شيء من ذلك فيسلم حينئذ للدليل الذي لا مدفع فيه وبالله التوفيق .

والقول بوجوبها من جهة اتباع سبيل المؤمنين واجب أيضا ، لأن القول بأنها غير واجبة شذوذ ، أو ضرب من الشذوذ ولعل جاهلا أن يقول : إن زكاة الفطر لو كانت فريضة لكفر من قال : إنها ليست بفرض كما لو قال في زكاة المال المفروضة ، أو في الصلاة المفروضة إنها ليست بفرض كفر فالجواب عن هذا ومثله أن ما ثبت فرضه من جهة الإجماع الذي يقطع كفر دافعه [ ص: 325 ] ، لأنه لا عذر له ( فيه ) وكل فرض ثبت بدليل لم يكفر صاحبه ولكنه يجهل ويخطأ ، فإن تمادى بعد البيان ( له ) هجر ، وإن لم يبن له عذر بالتأويل ألا ترى أنه قد قام الدليل الواضح على تحريم المسكر ولسنا نكفر من قال بتحليله ، وقد قام الدليل على تحريم نكاح المتعة ونكاح السر ، والصلاة بغير قراءة ، وبيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد إلى أشياء يطول ذكرها من فرائض الصلاة ، والزكاة ، والحج ، وسائر الأحكام ولسنا نكفر من قال بتحليل شيء من ذلك ، لأن الدليل في ذلك يوجب العمل ، ولا يقطع ، والأمر في هذا واضح لمن فهم ، وقد ذكر أبو داود ، وغيره من حديث عكرمة ، عن ابن عباس قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو ، والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات .

قال أبو عمر : ( أما قول ابن عباس ) في هذا الحديث فمن أداها قبل الصلاة فقد روي مثله عن ابن عمر أيضا رواه موسى [ ص: 326 ] بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر أن تؤدى قبل أن يخرج الناس إلى الصلاة قال : وكان عبد الله بن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم ، واليومين .

واختلف الفقهاء في الوقت الذي بإدراكه تجب زكاة الفطر على مدركه فذكر أبو التمام قال : تجب زكاة الفطر عند مالك بإدراك أول جزء من يوم الفطر في إحدى الروايتين عنه قال : وقال العراقي تجب بآخر جزء من ليلة الفطر وأول جزء من يوم الفطر قال : وقال الشافعي : لا تجب حتى يدرك جزءا من آخر نهار رمضان وجزءا من ليلة الفطر .

قال أبو عمر : أما نصوص أقوالهم في الوقت الذي تجب فيه زكاة الفطر فقال مالك : في رواية ابن القاسم ، وابن وهب ، وغيرهما عنه تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر ، وذكروا عنه مسائل إن لم تكن فهي تناقض على أصله هذا منها أنهم رووا عنه في المولود يولد ضحى يوم الفطر أنه يخرج عنه أبوه زكاة الفطر رواه أشهب ، وغيره عنه ، وقال ابن وهب عنه لو أدى زكاة الفطر صبيحة يوم الفطر ثم ولد له في ذلك اليوم مولود ، أو اشترى عبدا رأيت أن يخرج عن المولود ، والعبد زكاة الفطر قال : وهو في الولد أبين قال : ومن أسلم [ ص: 327 ] يوم الفطر فعليه صدقة الفطر ، واختلف قوله في العبد يباع يوم الفطر فقال مرة يزكي عنه المبتاع ثم قال : بل البائع واختاره ابن القاسم ، ولم يختلف قوله أن من ولد له مولود بعد يوم الفطر أنه لا يلزمه فيه شيء ، وهذا إجماع منه ومن سائر العلماء ، وقال الليث إذا ولد المولود بعد صلاة الفطر فعلى أبيه عنه زكاة الفطر قال : وأحب ذلك للنصراني يسلم ذلك الوقت واجبا عليه ، وأما أبو حنيفة ، وأصحابه فلم يختلف قولهم إنها تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر وهو قول الطبري فكل من كان عنده ممن يلزمه عنه زكاة الفطر قبل طلوع الفجر من ذلك اليوم فقد وجبت عليه الزكاة عنه ، ومن جاء بعد طلوع الفجر فلا شيء عليه ، وقال الشافعي : إنما تجب زكاة الفطر عمن كان عنده وكان حيا في شيء من اليوم الآخر من رمضان وغابت عليه الشمس من ليلة شوال ، فإن ولد له أو ملك عبدا بعد غروب الشمس من ليلة الفطر فلا زكاة في شيء من ذلك ، وكذلك روى أشهب ، عن مالك أن زكاة الفطر تجب بغروب الشمس ليلة الفطر ، وقال : الليث في هذه المسألة نحو قول مالك في رواية ابن القاسم على ما تقدم ، وقال الأوزاعي : من أدرك ليلة الفطر فعليه زكاة الفطر ، وقد كان الشافعي يقول ببغداد إنما تجب زكاة الفطر بطلوع الفجر من يوم الفطر ثم رجع إلى ما [ ص: 328 ] ذكرنا عنه بمصر ، ومثل قوله البغدادي قال أبو ثور ، وقال أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه - بقوله المصري - سواء .

، وقال بعض أهل العلم تجب زكاة الفطر في المولود والعبد وغيرهم إلى أن تصلى صلاة العيد فمن ولد له ، أو مملوكا بعد ذلك في ذلك اليوم فلا شيء عليه فيه .

واختلف الفقهاء أيضا في وجوبها على الفقراء فروى ابن وهب ، عن مالك أنه قال في رجل له عبد لا يملك غيره قال : عليه فيه زكاة الفطر قال مالك : والذي ليس له إلا معيشة خمسة عشر يوما ، أو نحوها ، والشهر ونحوه عليه زكاة الفطر ( قال مالك ) : وإنما هي زكاة الأبدان . وروى عنه أشهب أن زكاة الفطر لا تجب على من ليس عنده ، وروي عن مالك أيضا أن عليه صدقة الفطر ، وإن كان محتاجا ، وروي عنه أنه من كان له أن يأخذ صدقة الفطر فليس عليه أن يؤدي عن نفسه ، وذكر أبو التمام قال مالك : زكاة الفطر واجبة على الفقير الذي يفضل عن قوته صاع كوجوبها على الغني قال : وبه قال الشافعي .

قال أبو عمر : وذكر الطحاوي قال أبو حنيفة وأصحابه لا تجب زكاة الفطر على من يحل له أخذ الصدقة المفروضة ويحل عندهم أخذها لمن ليس له مائتا درهم على ما ذكرنا عنهم فيما سلف من كتابنا هذا ، فلا تلزم زكاة الفطر عندهم إلا على [ ص: 329 ] من ملك مائتي درهم ، وقال الشافعي : من ملك قوته وقوت من يمونه يومه ذلك وما يؤدي به عنه وعنهم زكاة الفطر أداها عنه وعنهم ، فإن لم يكن عنده بعد قوت اليوم إلا ما يؤدي عن بعض أدى عن بعض ، وإن لم يكن عنده إلا قوت يوم دون فضل فلا شيء عليه وهو قول الطبري قال عبيد الله بن الحسن إذا أصاب فضلا عن غدائه وعشائه فعليه أن يأخذ ويعطي صدقة الفطر ، وقال ابن علية زكاة الفطر واجبة على كل من كان عنده فضل ، عن نفسه وعمن يمون من أهله قال : وهي واجبة على الأطفال ، والكبار من العبيد والأحرار ، قال : وهي واجبة على الرجل في كل من يمون من عياله وعبيده ، وقد روي من حديث الزهري ، عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير ، عن أبيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدقة الفطر صاع من بر بين اثنين ، أو صاع من تمر ، أو شعير على كل رأس صغيرا كان أو كبيرا غنيا كان أو فقيرا حرا أو عبدا ، فأما غنيكم فيزكيه الله ، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى ، وليس دون الزهري [ ص: 330 ] في هذا الحديث من تقوم به حجة ، واختلف عليه فيه أيضا .

وأجمعوا أن الأعراب وأهل البادية في زكاة الفطر كأهل الحضر سواء إلا الليث بن سعيد ، فإنه قال : ليس على أهل العمود أصحاب المظال والخصوص زكاة الفطر ، وهذا مما انفرد به من بين هؤلاء الفقهاء إلا أنه قد روي مثل قوله ، عن عطاء ، والزهري وربيعة .

قال أبو عمر : هؤلاء في الصيام كسائر المسلمين فكذلك يجب أن يكونوا في زكاة الفطر كسائر المسلمين ، واختلفوا في زوجة الرجل هل تزكي عن نفسها ، أو يزكي عنها زوجها ؟ فقال مالك والشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور على زوجها أن يخرج زكاة الفطر عنها كما يخرجها عن نفسه وهي واجبة عليه عنها وعن كل من يمون ممن تلزمه نفقته ، وقال سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ليس على الزوج أن يطعم عن زوجته ، ولا عن خادمها وعليها أن تطعم زكاة الفطر ، عن نفسها وعن خادمها قالوا : وليس على الرجل أن يؤدي ، عن أحد إلا عن ولده الصغير وعبيده ، وحجتهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على [ ص: 331 ] الذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، والحر والعبد ، فالعبد لا يملك عندهم ، وقد ناقضوا فيه وفي الصغير ، وقال داود هي على الحر والعبد والصغير والكبير ، ولا يؤديها حر عن عبد ، ولا كبير عن صغير ، قال مالك : من لا بد له أن ينفق عليه لزمته عنه صدقة الفطر إن كان العبد مسلما ، وقال الشافعي : من أجبرناه على نفقته من ولده الصغار والكبار الزمنى الفقراء وآبائه وأمهاته الزمنى الفقراء وزوجته وخادم واحد لها ، فإن كان لها أكثر من خادم لم يلزمه أن يزكي عنهم ولزمها أن تؤدي زكاة الفطر عمن بقي من رقيقها وقول مالك ، وأصحابه في هذا الباب نحو قول الشافعي . ذكر أبو الفرج أن مذهب مالك في صدقة الفطر أنها تلزم الإنسان عن جميع من تلزمه نفقته من ولد ووالد وزوجة وخادمها وتلزمه في عبيده المسلمين ، وكذلك المدبر ، والمكاتب وأم الولد ، والمرهون والمخدم والمبيع بيعا فاسدا .

قال أبو عمر : أما قوله من تلزمه نفقته ، فإنه أراد من يجبر على نفقته بقضاء قاض أن يكون أجيرا ، وأصلهم [ ص: 332 ] في ذلك أنها تجب عليك عمن تلزمك نفقته بنسب كالأبناء الفقراء ، أو الآباء الفقراء وبنكاح وهن الزوجات ، أو ملك رق وهم العبيد ، وقد ذكر ابن عبد الحكم ، عن مالك قولا ليس عليه في عبيد عبيده ، ولا في أجيره ، ولا في رقيق امرأته إلا من كان منهم يخدمه لا بد له منه ، وإنما يلزمه من ذلك واحد منهم ، لأنه الذي تلزمه نفقته ، وهذا قوله في الموطأ سواء .

فقد نص في الأجير أنه لا تلزم عنه صدقة الفطر ، وذكر ابن وهب ، عن الليث أنه أخبره عن يحيى بن سعيد سمعه يقول : يؤدي الرجل عن أهله ورقيقه ، ولا يؤدي عن الأجير ولكن الأجير المسلم يؤدي عن نفسه قال وأخبرني يونس ، عن ربيعة أنه قال في زكاة الفطر أنا أخرجها عن نفسي وعن ولدي وخادمي ، ولا أخرجها عمن يتبعني ، وإن كان معي ، وقال الليث إذا كانت إجارة الأجير معلومة فليس عليه أن يؤدي عنه ، وإن كانت يده مع يديه أدى عنه ، واختلفوا في العبد الكافر ، والغائب المسلم فقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور ليس على أحد أن يؤدي عن عبده الكافر صدقة الفطر ، وإنما هي على من صام وصلى وهو قول سعيد بن المسيب ، والحسن وحجتهم قوله - صلى الله عليه وسلم - في [ ص: 333 ] حديث ابن عمر هذا من المسلمين فدل على أن الكفر بخلاف ذلك ، وقال الثوري ، وسائر الكوفيين عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن عبده الكافر وهو قول عطاء ومجاهد ، وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز ، والنخعي ، وروي ذلك عن أبي هريرة ، وابن عمر ، واحتج الطحاوي لأبي حنيفة في إيجاب زكاة الفطر عن العبد الكافر بأن قال : قوله عليه السلام من المسلمين يعني من يلزمه إخراج الزكاة عن نفسه وعن غيره ، ولا يكون إلا مسلما ، وأما العبد فلم يدخل في هذا الحديث ، لأنه لا يملك شيئا ، ولا يفرض عليه شيء ، وإنما أريد بالحديث مالك العبد ، وأما العبد فلا يلزمه في نفسه زكاة الفطر ، وإنما تلزم مولاه المسلم عنه ألا ترى إلى إجماع العلماء في العبد يعتق قبل أن يؤدي عنه مولاه زكاة الفطر إنه لا يلزمه إذا ملك بعد ذلك مالا إخراجها ، عن نفسه كما يلزمه إخراج كفارة ما حنث فيه من الأيمان وهو عبد ، وأنه لا يكفرها بصيام ولو لزمته صدقة الفطر لأداها عن نفسه بعد عتقه .

قال أبو عمر : قوله عليه السلام من المسلمين يقضي لمالك ، والشافعي وهو النظر أيضا ، لأنه طهرة للمسلمين وتزكية [ ص: 334 ] وهذا سبيل الواجبات من الصدقات ، والكافر لا يتزكى فلا وجه لأدائها عنه ، وقال أبو ثور يؤدي العبد عن نفسه إن كان له مال وهو قول داود ، وقال مالك : يؤدي زكاة الفطر عن مكاتبه ، وحجته ما روي عن النبي عليه السلام وعن جماعة من الصحابة المكاتب عبد ما بقي عليه شيء ، وقال الشافعي وأبو حنيفة ، وأصحابهم لا زكاة عليه في مكاتبه ، لأنه لا ينفق عليه ، وهو منفرد ، فكسبه دون المولى ، وجائز له أخذ الصدقة .

قال أبو عمر : كان ابن عمر يؤدي عن مملوكيه الغيب والحضور ، ولا يؤدي عن مكاتبيه ، ولا مخالف له من الصحابة ، وقال مالك : يؤدي الرجل زكاة الفطر عن مملوكيه ورقيقه كلهم من كان منهم لتجارة أو لغير تجارة رهنا أو غير رهن إذا كان مسلما ، ومن غاب منهم أو أبق فرجا رجعته وحياته زكى عنه ، وإن كان إباقه قد طال وأيس منه فلا أرى أن يزكي عنه قال : وليس له أن يؤدي عن عبيد عبيده ، وقال الشافعي : عليه زكاة الفطر في رقيقه المسلمين كلهم الحضور والغيب الإباق ، وغيرهم لتجارة أو لغير تجارة ، وكذلك العبد المرهون رجا رجعة الغائب منهم ، أو لم يرجها إذا عرف حياتهم ، لأن كلا في ملكه فعليه [ ص: 335 ] الزكاة ( عنه ) حتى يستيقن موته قال : ويزكي عن عبيد عبيده وعبيد عبيد عبيده ، لأنهم كلهم عبيده ، ولا يؤدي عن المكاتب ، ولا على المكاتب أن يؤدي عن نفسه إلا أن تكون الكتابة فاسدة فيؤدي عنه السيد قال الشافعي : ومن ملك بعض عبد زكى عن نصيبه منه وقال أبو حنيفة : يؤدي زكاة الفطر عن عبيده وعبيد عبيده ، لأنهم عبيده كفارا كانوا أو مسلمين ، ولا يؤدي عن مكاتبه ، واختلف قوله في الصدقة ، عن الآبق ، ولم يختلف قوله أن العبد المغصوب ليس على سيده فيه صدقة ، ومال أبو ثور إلى هذا القول وعند الشافعي عليه فيه الصدقة إن كان مسلما حتى يستيقن موته ، لأنه على ملكه ، وسيأتي تمام القول في صدقة الفطر عن العبد المعتق بعضه ، وغيره من العبيد في باب عبد الله بن دينار من كتابنا هذا إن شاء الله .

وأما الحر الصغير المليء ، فإن مالكا ، والشافعي ، وأبا حنيفة ، وأبا يوسف بن سعيد قالوا : يؤدي عنه أبوه من ماله ، وإن تطوع عنه أبوه من مال نفسه فحسن ، وقال : الثوري وزفر ومحمد بن الحسن يؤدي عنه الأب من مال نفسه قال محمد بن الحسن ، فإن أداها من مال الصغير ضمن قال : ولا [ ص: 336 ] يجب في مال الصغير صدقة يتيما كان أو غير يتيم ، وقال مالك والشافعي ، وأبو ثور ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف يؤدي الوصي عن اليتيم صدقة الفطر ، وقال أبو ثور وداود الزكاة على الصغير والكبير في أموالهم لا يؤديها أحد عنهم ، والعبيد عندهما مالكون وصدقة الفطر عليهم واجبة على أنفسهم .

قال أبو عمر : تلخيص وجوه هذه المسائل يطول ، وفيما ذكرنا غنى وكفاية ، فهذا تمهيد القول في وجوب زكاة الفطر ، وعلى من تجب ومتى تجب ، وقد مضى القول في مكيلة زكاة الفطر مستوعبا في باب زيد بن أسلم من كتابنا هذا فلا وجه لإعادته هاهنا وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية