التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
177 [ ص: 110 ] [ ص: 111 ] نافع ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، حديث واحد ، وهو حديث سادس وسبعون لنافع

مالك ، عن نافع ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس القسي ، والمعصفر ، وعن تختم الذهب ، وعن قراءة القرآن في الركوع .


[ ص: 112 ] روى هذا الحديث عن نافع جماعة ، وعن إبراهيم بن عبد الله بن حنين جماعة ، وعن علي بن أبي طالب جماعة ، وأكثر من رواه يقول فيه ، عن علي : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضهم يقول : ولا أقول نهاكم ، وهو حديث اختلف في إسناده ولفظه على نافع وعلى إبراهيم بن عبد الله بن حنين - اختلافا كثيرا ، وحنين جد إبراهيم هذا مولى العباس بن عبد المطلب ، وقيل : مولى علي بن أبي طالب ، وقيل : بل حنين هذا مولى مثقب ، ومثقب مولى مسحل ، ومسحل مولى شماس ، وشماس مولى العباس ، والحديث صحيح كما رواه مالك ومن تابعه .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن حنين مولى علي ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع : عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، وعن قراءة القرآن وأنا راكع ، وعن لبس المعصفر كذا قال عبيد الله بن عمر : عن نافع ، عن ابن حنين مولى علي ، عن علي - لم يقل عن أبيه - والصواب فيه عن أبيه ، وكذلك رواه أيوب ولم يقمه عبيد الله ولا أيوب ، ورواه الزهري فجود إسناده .

حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن راشد بن زولان [ ص: 113 ] قال : حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني إبراهيم بن حنين ، أن أباه حدثه ، أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القراءة وأنا راكع ، وعن لبس الذهب والمعصفر هكذا قال : لبس الذهب ، وحديث نافع يفسره أنه تختم الذهب ، وليس في هذا الحديث عن ابن شهاب ذكر القسي ، وهو فيه محفوظ ، ورواه معمر ، عن ابن شهاب بإسناده مثله ، وزاد وعن قراءة القرآن في الركوع والسجود فزاد : السجود ، وكذلك قال داود بن قيس ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، قال : نهاني نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث لا أقول ونهى الناس - : نهاني عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، والمعصفرة المفدمة ، وأن أقرأ ساجدا أو راكعا وكذلك روى ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه سمع عليا ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ راكعا أو ساجدا .

وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى عن محمد بن عجلان ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه [ ص: 114 ] عن ابن عباس ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، وعن قراءة القرآن راكعا ، وعن القسية ، والمعصفر هكذا قال ابن عجلان ، وداود بن قيس ، والضحاك بن عثمان في هذا الحديث : عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن علي ، فزادوا ذكر ابن عباس .

وفي حديث ابن شهاب ، وغيره أن عبد الله بن حنين سمعه من علي ، وقد يجوز أن يسمعه من ابن عباس ، عن علي ثم يسمعه من علي ، ويجوز أن يسمعهما منهما معا ، وقد ذكر علي بن المديني ، عن يحيى بن سعيد أنه كان يذهب إلى أن عبد الله بن حنين سمعه من ابن عباس ومن علي ، ويقول : كان مجلسهما واحدا ، وتحفظاه جميعا .

حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أبو إسماعيل ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن إبراهيم بن حنين أن أباه حدثه أنه سمع علي بن أبي طالب ، يقول : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، ولبوس القسي ، والمعصفر ، وقراءة القرآن وأنا راكع .

وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد عن محمد بن عمرو ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاكم وذكر مثله .

[ ص: 115 ] وحدثنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حفص بن عمر ، ومسلم بن إبراهيم ، قالا : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن علي ، قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب ، وعن القسي ، وعن الميثرة الحمراء .

قال أبو عمر : النهي عن لباس الحرير ، وتختم الذهب إنما قصد به إلى الرجال دون النساء ، وقد أوضحنا هذا المعنى فيما تقدم من حديث نافع ، ولا نعلم خلافا بين علماء الأمصار في جواز تختم الذهب للنساء ، وفي ذلك ما يدل على أن الخبر المروي من حديث ثوبان ، ومن حديث أخت حذيفة ، عن النبي عليه السلام في نهي النساء عن التختم بالذهب - إما أن يكون منسوخا بالإجماع ، وبأخبار العدول في ذلك على ما قدمنا ذكره في حديث نافع أو ثابت ، فأما حديث ثوبان فإنه يرويه يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثنا أبو سلام ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، ولم يسمعه يحيى بن أبي سلام ولا يصح ، وأما حديث أخت حذيفة فيرويه منصور ، عن ربعي بن خراش ، عن امرأته ، عن أخت حذيفة ، قالت : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر النساء ، أما لكن في الفضة ما تحلينه ، أما إنكن ليس منكن امرأة تحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به .

والعلماء على دفع هذا الخبر ; لأن امرأة ربعي مجهولة لا تعرف بعدالة ، وقد تأوله بعض من يرى الزكاة في الحلي من أجل منع الزكاة منه إن منعت ، ولو كان ذلك لذكر وهو تأويل بعيد .

[ ص: 116 ] وقد روى محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عن عائشة : أن النجاشي أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشي ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعود أو ببعض أصابعه وإنه لمعرض عنه ، فدعا ابنة ابنته أمامة بنت أبي العاصي ، فقال : تحلي بهذا يا بنية وعلى هذا القياس للنساء خاصة ، والله الموفق للصواب .

روى عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل أحل لإناث أمتي الحرير والذهب ، وحرمها على ذكورها وقد ذكرنا هذا الخبر من طرق في باب نافع ، وأما قوله في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسي ، فإنها ثياب مضلعة بالحرير يقال لها : القسية ، تنسب إلى موضع يقال له : قس ، ويقال : إنها قرية من قرى مصر ، وهي ثياب يلبسها أشراف الناس النساء ، قال النميري الشاعر : ولما رأت ركب النميري راعها وكن من أن يلقينه حذرات     فأدنين حتى جاوز الركب دونها
حجابا من القسي والحبرات [ ص: 117 ] وقد مضى القول في لباس الحرير ، قليله وكثيره ، وما خالط الثياب منه - فيما تقدم من حديث نافع في هذا الكتاب ، وقد مضى هنالك ما للعلماء في ذلك من الكراهية جملة والإباحة ، وقد مهدنا القول وبسطناه بالآثار ، وأوضحناه في تختم الذهب وغيره مما يجوز أن يختم به في باب عبد الله بن دينار ، فتأمله تراه هناك إن شاء الله ، إلا أنا لم نذكر هناك شد الأسنان بالذهب ، وقد اختلف في شد الأسنان بالذهب ، فكرهه قوم ، وأباحه آخرون .

حدثنا عبد الله ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا الخضر ، حدثنا الأثرم ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يسأل : هل يضبب الرجل أسنانه بالذهب ؟ فقال : لا بأس بذلك ، قد فعل ذلك بالذهب خاصة جماعة من العلماء .

وذكره الأثرم ، عن المغيرة بن عبد الله ، وأبي جمرة الضبعي ، وأبي رافع ، ومسي بن طلحة وإسماعيل بن زيد بن ثابت - أنهم شدوا أسنانهم بالذهب . وعن إبراهيم ، والحسن ، والزهري أنهم لم يروا بذلك بأسا ، قال : وحدثني ابن الطباع ، قال : رأيت شريكا ، وحفص بن غياث قد شدا أسنانهما بالذهب ، قال : وسمعت أحمد بن حنبل يسأل عن رجل سقطت ثنيته ، فبانت منه ، فأخذها وأعادها ، فقال : أرجو ألا يكون به بأس ، ولم يرها ميتة ، وكان يكره مشط العاج ويقول : هو ميتة لا يستعمل .

وأما قراءة القرآن في الركوع ، فيجتمع أيضا أنه لا يجوز ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم .

[ ص: 118 ] وأجمعوا أن الركوع موضع تعظيم لله بالتسبيح والتقديس ونحو ذلك من الذكر ، وأنه ليس بموضع قراءة .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا علي بن حجر ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، قال : حدثنا سليمان بن سحيم ، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستر - ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه - قال اللهم هل بلغت ؟ - ثلاث مرات - إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له ، ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود ، فإذا ركعتم فعظموا الرب ، وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قمن أن يستجاب لكم .

واختلفت الفقهاء في تسبيح الركوع والسجود ، فقال ابن القاسم ، عن مالك : إنه لم يعرف قول الناس في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى وأنكره ، ولم يجد في الركوع والسجود دعاء مؤقتا ولا تسبيحا ، وقال : إذا أمكن يديه من ركبتيه في الركوع ، وجبهته من الأرض في السجود ، فقد أجزأ عنه .

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو ثور ، وأحمد ، وإسحاق : يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، [ ص: 119 ] وفي السجود : سبحان ربي الأعلى - ثلاثا ، وقال الثوري : أحب للإمام أن يقولها خمسا في الركوع والسجود حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات ، ويحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - : أما الركوع فعظموا فيه الرب يقول : سبحان ربي العظيم ، فيكون حديث عقبة مفسرا لحديث ابن عباس .

ومحتمل أن يكون بما وقع عليه معنى التعظيم من التسبيح والتقديس ونحو ذلك ، والآثار في هذا الباب تحتمل الوجهين جميعا ، والله أعلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، وأحمد بن قاسم ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، قال : حدثنا موسى بن أيوب ، عن عمه إياس بن عامر الغافقي ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : لما نزلت ( فسبح باسم ربك العظيم ) قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها في ركوعكم ، فلما نزلت ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال لنا : اجعلوها في سجودكم .

وحدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن بكر بن داسة ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حفص بن محمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : قلت لسليمان - يعني الأعمش - : أدعو في [ ص: 120 ] الصلاة إذا مررت بآية تخوف ؟ فحدثني عن سعد بن عبيدة ، عن مستورد ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى ، وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ .

وروى الشعبي ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة أن النبي عليه السلام كان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم وبحمده - ثلاثا - وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى وبحمده - ثلاثا - .

وروى نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن النبي عليه السلام مثله ، وروى السعدي عن النبي عليه السلام مثله .

قال أبو عمر : وقد روي عن النبي عليه السلام أنه كان يقول في ركوعه وسجوده أنواعا من الذكر منها : حديث مطرف عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، ومنها حديث أبي بكرة أن النبي عليه السلام كان يدعو في سجوده يقول : اللهم إني أعوذ بك من الكفر ، والفقر ، وعذاب القبر ، ومنها حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي عليه السلام يقول في ركوعه وسجوده : سبحان ذي الجبروت ، والملكوت ، والكبرياء ، والعظمة ، وهذا كله يدل على أن لا تحديد فيما [ ص: 121 ] يقال في الركوع والسجود من الذكر والدعاء ، ولكن أكثر الفقهاء في صلاة الفريضة على التسبيح بسبح اسم ربك العظيم - ثلاثا - في الركوع ، وسبح اسم ربك الأعلى - ثلاثا - في السجود ، وحملوا سائر الأحاديث على النافلة ، وأما مالك وأصحابه فالدعاء أحب إليهم في السجود ، وتعظيم الله وتحميده في الركوع على حديث ابن عباس ، وكل ذلك حسن ، والحمد لله .

وأما لباس المعصفر المفدم وغيره من صباغ المعصفر للرجال فمختلف فيه ، أجازه قوم من أهل العلم ، وكرهه آخرون ، ولا حجة مع من أباحه إلا أن يدعي أن ذلك خصوص لعلي ; لقوله : نهاني ولا أقول نهى الناس ، وبعضهم يقول فيه : ولا أقول نهاكم ، وهذا اللفظ محفوظ في حديث علي هذا من وجوه ، وليس دعوى الخصوص فيه بشيء ; لأن الحديث في النهي عنه صحيح من حديث علي وغيره ، والحجة في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فيما خالفها .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مخلد بن خالد ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا أركب الأرجوان ، ولا ألبس المعصفر ، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير ، قال : وأومأ الحسن إلى جيب قميصه ، قال : وقال : ألا وطيب الرجال ريح لا لون له ، ألا وطيب النساء [ ص: 122 ] لون لا ريح له ، قال سعيد : أراه قال : إنما حملوا قوله في طيب النساء على أنها إذا أرادت أن تخرج ، وأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت .

وحدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا علي بن المديني ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا أركب الأرجوان ، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، قال : حدثنا داود بن عمرو ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، وشرحبيل بن مسلم ، عن شفعة السمعي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : أتيت النبي عليه السلام وعلي ثوبان معصفران ، فلما رآني قال : من يحول بيني وبين هذه النار ؟ فقلت : يا رسول الله ، ما أصنع بهما ؟ قال : أحرقهما .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، حدثنا ابن بكير ، قال : حدثني الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : دخلت يوما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي ثوبان [ ص: 123 ] معصفران ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما هذان الثوبان ؟ قلت : صبغتهما أم عبد الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقسمت عليك إلا رجعت فأمرتها أن توقد لهما التنور ثم تطرحهما ، قال : فرجعت إليها ففعلت .

قال أبو عمر : هذا يحتمل أن يكون عقوبة لنهيه عن ذلك ; لئلا يعود رجل إلى لباسها - أعني الثياب المعصفرة - وقوله : أقسمت عليك دليل على أن حرقها أحق بواجب ، ولكن الكراهة فيها صحيحة للرجال خاصة ، وأما النساء فإن العلماء لا يختلفون في جواز لباسهن المعصفر المفدم والمورد والممشق .

وقد روي عن مالك ، وبعض المدنيين أنهم كانوا يرخصون للرجال في لباس المورد والممشق .

وقال ابن القاسم ، عن مالك : أكره المعصفر المفدم للرجال والنساء أن يحرموا فيه ; لأنه ينتقض ، قال مالك : وأكرهه أيضا للرجال في غير الإحرام .

قال أبو عمر : المفدم عند أهل اللغة : المشبع حمرة ، والمورد دونه في الحمرة ، كأنه - والله أعلم - مأخوذ من لون الورد ، وأما الممشق فطين أحمر يصبغ به هو المغرة أو شبهها ، يقال للثوب المصبوغ به : ممشق .

وقد ذكر الضحاك بن عثمان في هذا الحديث المعصفر المفدم ، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن محمد ، وأحمد بن عبد الله قالوا : [ ص: 124 ] حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله ، قال : حدثنا يحيى بن المغيرة أبو سلمة المخزومي ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب أنه قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاكم - عن تختم الذهب ، وعن لبس القسي ، وعن لبس المفدم المعصفر ، وعن القراءة راكعا .

قال أبو عمر : لم يذكر المفدم غير الضحاك بن عثمان ، وليس بحجة ، والذي يقتضيه حديث علي ، وعبد الله بن عمرو - النهي عن لباس كل ثوب معصفر للرجال ; لأنه لم يخص فيه نوع من صباغ المعصفر من نوع ، والنبي عليه السلام إنما بعث مبينا معلما فلو كان منه نوع تقتضيه الإباحة لبينه ولم يشمله ويشكل به ; لأنه كان قد أوتي جوامع الكلام ، ونصح لأمته ، وبلغهم ، وعلمهم مما علمه - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية