التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1649 [ ص: 178 ] [ ص: 179 ] حديث أول لنعيم المجمر

مالك ، عن نعيم بن عبد الله المجمر ، عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ، ولا الدجال .


هكذا روى هذا الحديث عن مالك جماعة رواة الموطأ ، وغيرهم ، وقد روى فطر بن حماد بن واقد الصفار ، قال : دخلت أنا وأبي على مالك بن أنس ، فقال له أبي : يا أبا عبد الله ، أيهما أحب إليك : المقام أو بمكة ؟ فقال : ، وذلك أن الله اختارها لنبيه - صلى الله عليه وسلم - من جميع بقاع الأرض ، ثم قال : حدثنا نعيم بن عبد الله المجمر ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من خرج منها رغبة عنها أبدلها الله من هو خير منه ، وإنها لتنفي خبث الرجال كما ينفي الكير خبث الحديد وهذا الحديث خطأ بهذا الإسناد ، والصواب فيه ما في الموطأ .

[ ص: 180 ] وأما قوله : أنقاب المدينة فإنه أراد طرقها ومحاجها ، والواحد : نقب ، ومن ذلك قول الله عز وجل ) فنقبوا في البلاد ( أي جعلوا فيها طرقا ومسالك ، قال امرؤ القيس

وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب

والمنكب أيضا : الطريق مثل المنقب ، وفي هذا الحديث دليل على فضل المدينة ; إذ لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ، وأنه يطأ الأرض كلها ويدخلها ، حاشى المدينة ، ويروى في غيرها حديث حاشى مكة والمدينة ، روي ذلك من حديث جابر وغيره .

حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الصائغ ، قال : حدثنا محمد بن سابق ، قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يخرج الدجال في خفقة من الدين ، وإدبار من العلم ، له أربعون ليلة يسيحها في الأرض ، اليوم منها كالسنة ، واليوم منها كالشهر ، واليوم منها كالجمعة ، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه ، وله حمار يركبه عريض ، ما بين أذنيه أربعون ذراعا ، فيقول للناس : أنا ربكم - وهو أعور - وإن ربكم ليس بأعور ، [ ص: 181 ] مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ، يرد كل ماء وسهل ، إلا المدينة ومكة ، حرسهما الله عنه ، وقامت الملائكة بأبوابهما ، وذكر الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية