التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
65 [ ص: 200 ] [ ص: 201 ] حديث رابع لنعيم ، موقوف

مالك ، عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول : من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج عامدا إلى الصلاة ، فإنه في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة ، وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ، ويمحى عنه بالأخرى سيئة ، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع ، وإن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا ، قالوا : لم يا أبا هريرة ؟ قال : من أجل كثرة الخطا .


هكذا هذا الحديث موقوف في الموطأ لم يتجاوز به أبا هريرة ، ولم يختلف على مالك في ذلك ، ومعناه يتصل ويستند إلى النبي عليه السلام من طرق صحاح من غير حديث نعيم عن [ ص: 202 ] أبي هريرة ، من حديث أبي سعيد الخدري وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والأسانيد فيه صحاح كلها ، ومثله أيضا لا يقال بالرأي .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين درجة ; وذلك أن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة ، لا ينهزه غيرها ، لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد ، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه ، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه تقول : اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم تب عليه ، ما لم يؤذ فيه أحدا أو يحدث فيه .

قال أبو عمر : آخر هذا الحديث عند مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن ، النبي - صلى الله عليه وسلم - : الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ، الحديث ، وبهذا الإسناد عند مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة [ ص: 203 ] مرفوعا أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه ، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة وعنده في فضل الجماعة حديثه عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، وحديثه عن نافع عن ابن عمر كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرنا كل هذا في موضعه من هذا الكتاب ، والحمد لله .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن أبي ذئب ، عن عبد الرحمن بن مهران ، عن عبد الرحمن بن سعد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا .

وقد روى عبد الرزاق وغيره عن الثوري ، عن إبراهيم بن مسلم ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : ما من رجل يتطهر فيحسن الطهر ، ويخطو خطوة يعمد بها إلى المسجد إلا كتب الله له بها حسنة ، ورفعه بها درجة حتى إن كنا لنقارب في الخطا وهذا في معنى حديث نعيم ، [ ص: 204 ] عن أبي هريرة ، ومثله لا يكون رأيا ويدلك على ذلك قوله : حتى إن كنا لنقارب في الخطا ، وأما قوله في حديث نعيم : فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع . فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون . . . الحديث روي عن أبي هريرة مسندا من طرق صحاح ، قد ذكرنا كثيرا منها في باب العلاء من كتابنا هذا ، ومضى القول هناك في معنى ذلك كله والحمد لله على ذلك كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية