التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
248 [ ص: 238 ] [ ص: 239 ] حديث رابع لصفوان بن سليم ، مرسل

مالك ، عن صفوان بن سليم ، قال مالك : لا أدري أعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا ؟ قال : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه .


قال أبو عمر : هذا الحديث يستند من وجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسنها إسنادا : حديث أبي الجعد الضمري : أخبرنا محمد بن عبد الملك وعبيد بن محمد ، قالا : حدثنا عبد الله بن مسرور ، قال : حدثنا عيسى بن مسكين ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر ، قال : حدثنا أبو أسامة ، ويزيد بن هارون ، قالا : حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة ، عن عبيدة بن سفيان الحضرمي ، قال : سمعت أبا الجعد الضمري - وكانت له صحبة - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها ، طبع الله على قلبه .

[ ص: 240 ] أخبرنا عبد الرحمن بن مروان ، قال : أخبرنا الحسن بن حي القلزمي ، قال : حدثنا عبد الله بن علي بن الجارود ، قال : حدثنا عبد الله بن هاشم ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عمرو ، قال : حدثني عبيدة بن سفيان ، عن أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ترك ثلاث جمع تهاونا ، طبع الله على قلبه .

حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا داود بن عبد الله الجعفري ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن أسيد بن أبي أسيد البراد ، عن ابن أبي قتادة ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة فقد طبع على قلبه .

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ، قال : حدثنا علي بن محمد بن لؤلؤ ، قال : حدثنا أبو يزيد خالد بن النضر قال : حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا أسيد بن أبي أسيد ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة طبع الله على قلبه . [ ص: 241 ] هكذا قال عبد الله بن جعفر في هذا الحديث ، جعله عن جابر ، والأول عندي أولى بالصواب على رواية الدراوردي ، وعبد الله بن جعفر هذا هو والد علي ابن المديني ، وهو علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح ، وعلي أحد أئمة أهل الحديث ، وأبوه عبد الله بن جعفر مدني ضعيف .

وحدثنا يعيش بن سعيد ، وأحمد بن قاسم ، ومحمد بن إبراهيم ، قالوا : أخبرنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن مرداس أبو العباس الأيلي ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من ترك الجمعة ثلاثا ولاء من غير عذر ، طبع الله على قلبه .

أخبرنا خلف بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ، قالا : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا فرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم يكونون من الغافلين .

[ ص: 242 ] حدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن المسور ، وبكير بن الحسن الرازي - بمصر ، قالا : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا الفرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لينتهين قوم عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين .

وبهذا الإسناد عن أسد بن موسى قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : حدثنا عوف الأعرابي ، قال : حدثني سعيد بن أبي الحسن ، قال : سمعت ابن عباس يقول : من ترك أربع جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره .

وبه عن أسد قال : حدثنا محمد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن سعيد بن المسيب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر طبع على قلبه .

حدثنا محمد بن قاسم بن محمد ، وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، ومحمد بن إبراهيم بن سعيد ، قالوا : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا حمزة بن محمد بن عيسى الكاتب ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا عوف الأعرابي عن سعيد بن أبي الحسن ، عن ابن عباس ، قال : من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره . [ ص: 243 ] ورواه سفيان الثوري عن عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن ابن عباس مثله .

وبالإسناد عن نعيم بن حماد ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، وجرير بن عبد الحميد ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد أن رجلا سأل ابن عباس شهرا ، كل يوم يسأله : ما تقول في رجل يصوم بالنهار ، ويقوم الليل ، ولا يحضر صلاة الجمعة ، ولا جماعة ؟ فكل ذلك يقول له ابن عباس : صاحبك في النار .

قال أبو عمر : قد يجوز أن يكون ابن عباس علم منه مع ذلك ما أوجب أن يقول له : صاحبك في النار ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد فيه لين أنه قال : من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر كتب منافقا .

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مملوك أو مريض أو مسافر .

وأما قوله في الحديث : من غير عذر . فالعذر يتسع القول فيه ، وجملته : كل مانع حائل بينه وبين الجمعة مما يتأذى به [ ص: 244 ] أو يخاف عدوانه ، أو يبطل بذلك فرضا لا بدل منه ، فمن ذلك السلطان الجائر يظلم ، والمطر الوابل المتصل ، والمرض الحابس ، وما كان مثل ذلك ، ومن العذر أيضا أن تكون عنده جنازة لا يقوم بها غيره ، وإن تركها ضاعت وفسدت ، وقد روينا هذا في الجنازة عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن أبي كثير ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وعن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن رجل كان مع الإمام - وهو يخطب في الجمعة - فبلغه أن أباه أخذه الموت ؟ فرخص له أن يذهب إليه ويترك الإمام في الخطبة .

قال أبو عمر : هذا - عندي - على أنه لم يكن لأبيه أحد غيره يقوم لمن حضره الموت بما يحتاج الميت إليه من حضوره للتغميض والتلقين ، وسائر ما يحتاج إليه ; لأن تركه في مثل تلك الحال عقوق ، والعقوق من الكبائر ، وقد تنوب له عن الجمعة الظهر ، ولم يأت الوعيد في ترك الجمعة إلا من غير عذر ثلاثا ، فكيف بواحدة من عذر بين ، فقول عطاء صحيح ، والله أعلم .

وقد وردت في فرض الجمعة آثار قد ذكرتها في غير هذا الموضع ، وأصح ما في ذلك ما ذكرته في هذا الباب ، وقد ذكرنا على من تجب الجمعة من أهل المصر وغيرهم في باب ابن شهاب ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية