التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1828 [ ص: 257 ] مالك عن صيفي ، حديث واحد

وهو صيفي بن زياد ، يكنى أبا زياد مولى ابن أفلح ، مولى أبي أيوب الأنصاري رحمه الله ، وقيل : صيفي هذا يكنى : أبا سعيد ، يقال فيه : مولى ابن أفلح ، ويقال : مولى أفلح ، مولى أبي أيوب الأنصاري ، ويقال : مولى الأنصار ، ويقال : مولى أبي السائب ، ومولى ابن السائب ، والصواب قول من قال : مولى ابن أفلح . كنيته أبو زياد ، وهو رجل من أهل المدينة ، روى عنه مالك ، وابن عجلان ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن أبي هلال ، وابن أبي ذئب ، وسعيد بن أبي هند ، ولا أعلم له رواية إلا عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة .

مالك ، عن صيفي مولى ابن أفلح ، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة ، أنه قال : دخلت على أبي سعيد الخدري ، فوجدته يصلي ، فجلست أنتظره حتى قضى صلاته فسمعت [ ص: 258 ] تحريكا تحت سريره في بيته ، فإذا حية ، فقمت لأقتلها فأشار إلي أبو سعيد أن اجلس ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ قلت : نعم . قال : إنه قد كان فيه فتى حديث عهد بعرس ، فخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق ، فبينا هو به إذ أتاه الفتى يستأذنه ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي حتى أحدث بأهلي عهدا ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : خذ عليك سلاحك ، فإني أخشى عليك بني قريظة ، فانطلق الفتى إلى أهله ، فوجد امرأته قائمة بين البابين ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها - وأدركته غيرة - فقالت : لا تعجل حتى تدخل وتنظر ما في بيتك ، فدخل فإذا هو بحية منطوية على فراشه ، فركز فيها رمحه ، ثم خرج بها فنصبه في الدار فاضطربت الحية في رأس الرمح ، وخر الفتى ميتا ، فما يدرى [ ص: 259 ] أيهما كان أسرع موتا : الفتى أم الحية ، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك ، فاقتلوه فإنما هو شيطان .


هكذا قال مالك في هذا الحديث عن صيفي مولى ابن أفلح ، وذكره الحميدي عن ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن صيفي مولى أبي السائب ، عن رجل ، قال : أتيت أبا سعيد الخدري أعوده ، فسمعت تحريكا تحت سريره ، فنظرت فإذا حية ، فأردت أن أقتلها ، وذكر الحديث نحو حديث مالك إلا أنه قد غلط في قوله فيه : مولى أبي السائب ، ولم يقم إسناده ، وقال فيه : عن رجل ، وإنما هو صيفي عن أبي السائب ، ورواه يحيى القطان عن ابن عجلان ، عن صيفي ، عن ابن السائب ، عن أبي سعيد الخدري - مختصرا ، حدثناه عبد الله بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا حمزة بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب النسوي ، قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن عجلان ، قال : حدثني صيفي ، عن أبي السائب ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن بالمدينة [ ص: 260 ] نفرا من الجن أسلموا ، فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثا ، فإن بدا له بعد فليقتله ، فإنما هو شيطان .

وحدثناه عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن عجلان ، فذكره بإسناده سواء .

حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، حدثنا أبو صالح ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني محمد بن عجلان ، عن صيفي أبي سعيد مولى الأنصار ، عن أبي السائب أنه قال : أتينا أبا سعيد الخدري ، فبينا أنا عنده جالس سمعت تحت سريره تحرك شيء ، فنظرت فإذا حية فقمت ، فقال أبو سعيد : ما لك ؟ فقلت : حية هاهنا . قال : فتريد ماذا ؟ قال : أريد قتلها ، قال : فأشار إلى بيت في داره تلقاء بيته ، وقال : ابن عم له كان في هذا البيت ، فلما كان يوم الأحزاب استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أهله ، وكان حديث عهد بعرس ، فأذن له وأمره أن يذهب بسلاحه معه ، فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت ، فأشار إليها بالرمح ، قالت : لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني ، فدخل البيت ، فإذا حية منكرة ، فقطعها بالرمح ، ثم خرج بها في الرمح ترتكض ، فلا أدري أيهما كان أسرع موتا : الرجل أو الحية ؟ فأتى قومه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : ادع الله أن يرد صاحبنا ، فقال : استغفروا لصاحبكم ، ثم قال : إن نفرا من الجن [ ص: 261 ] بالمدينة أسلموا ، فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ثلاثة أيام ، ثم إن بدا لكم أن تقتلوه فاقتلوه .

قال أبو عمر : رواية الليث لهذا الحديث عن ابن عجلان كرواية مالك في إسناده ومعناه ، ولا يضر اختلافهما في ولاء أبي سعيد صيفي ، إذ قال مالك : مولى ابن أفلح ، وقال فيه الليث عن ابن عجلان ، عن صيفي مولى الأنصار ، وكذلك هو مولى الأنصار ، إلا أنه لم يحفظ لمن ولاؤه من الأنصار ، وقد جوده مالك في قوله : مولى ابن أفلح ، وكذلك من قال فيه : مولى أفلح ; لأن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري ، وأما قول ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن صيفي مولى أبي السائب فلم يصنع شيئا ، ولم يقم الإسناد ; إذ جعله مولى أبي السائب ، عن رجل ، وإنما هو مولى ابن أفلح ، عن أبي السائب ، كذلك قال مالك ، عن صيفي ، عن أبي السائب ، وكذلك قال الليث ، ويحيى القطان ، عن ابن عجلان ، عن صيفي ، عن أبي السائب ، ومن قال في هذا الحديث عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن صيفي فقد أفرط في التصحيف والخطأ ، كذلك رواه علي بن حرب ، عن ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، وهذا لا خفاء به عند أهل العلم بالحديث ، وإنما هو عن أبي سعيد صيفي ، ولا معنى لذكر سعيد بن أبي سعيد هنا ، ومن رواه أيضا عن صيفي ، عن أبي سعيد الخدري فليس بشيء وقد قطعه ; لأن صيفيا لم [ ص: 262 ] يسمعه من أبي سعيد ، وإنما يرويه عن أبي السائب ، عن أبي سعيد الخدري ، وقد روي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري من غير رواية صيفي ، إلا أنه مختصر ، نحو رواية القطان عن ابن عجلان ، عن صيفي : حدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا بكر بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا آذاكم شيء من الحيات في مساكنكم فحرجوا عليهن ثلاث مرات ، فإن عاد بعد ثلاث فاقتلوه ; فإنما هو شيطان .

وقد روي مثل حديث أبي سعيد الخدري هذا من حديث سهل بن سعد الساعدي ، حدثناه عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن غالب ، وزكرياء بن يحيى الناقد - واللفظ لمحمد بن غالب - قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن فتى من الأنصار كان حديث عهد بعرس وأنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فرجع من الطريق ، فإذا هو بامرأته قائمة في الحجرة ، فمد إليها الرمح ، فقالت : ادخل فانظر ما في البيت ، فدخل فإذا هو بحية [ ص: 263 ] منطوية على فراشه ، فانتظمها برمحه ، وركز الرمح في الدار ، فانتفضت الحية وماتت ومات الرجل ، قال : فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنه قد نزل في المدينة جن مسلمون ، أو قال : إن لهذه البيوت عوامر - شك خالد - فإذا رأيتم شيئا منها فتعوذوا ، فإن عاد فاقتلوه .

قال أبو عمر : قال قوم : لا يلزم أن تؤذن الحيات ، ولا تناشدن ، ولا يحرج عليهن إلا بالمدينة خاصة ; لهذا الحديث وما كان مثله لأنه خص المدينة بالذكر ، وممن قال ذلك : عبد الله بن نافع الزبيري ، قال : لا تنذر عوامر البيوت إلا بالمدينة خاصة ، قال : وهو الذي يدل عليه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله : إن بالمدينة جنا قد أسلموا وقال آخرون : المدينة وغيرها في ذلك سواء ; لأن من الحيات جنا ، وجائز أن يكن بالمدينة وغيرها ، وأن يسلم من شاء الله منهن .

قال مالك : أحب إلي أن تنذر عوامر البيوت بالمدينة وغيرها ثلاثة أيام ، ولا تنذرن في الصحاري .

قال أبو عمر : العلة الظاهرة في الحديث إسلام الجن ، والله أعلم ، إلا أن ذلك شيء لا يوصل إلى شيء من معرفته ، والأولى أن تنذر عوامر البيوت كلها كما قال مالك [ ص: 264 ] والإنذار أن يقول الذي يرى الحية في بيته : أحرج عليك أيتها الحية بالله واليوم الآخر أن تظهري لنا أو تؤذينا .

وقد روى عباد بن إسحاق عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : بينا أنا بعبادان ، إذ جاءني رسول زوجتي ، فقال : أجب فلانة ، واستنكرت ذلك ، ثم قمت فدخلت ، فقالت لي : إن هاهنا الحية - وأشارت إليها - كنت أراها بالبادية إذا خلوت ، ثم مكثت لا أراها حتى رأيتها الآن وهي هي أعرفها بعينها ، قال : فخطب سعد خطبة ، حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنك قد آذيتني ، وإني أقسم بالله لئن رأيتك بعد هذه لأقتلنك ، فخرجت الحية ، انسابت من باب البيت ، ثم من باب الدار ، فأرسل معها سعد إنسانا ، فقال : انظر أين تذهب ؟ فتبعها حتى جاءت المسجد ، ثم جاءت منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علته فرقته ، ثم صعدت إلى السماء حتى غابت .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال حدثنا محمد بن معاوية ، وحدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا حمزة بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا الحسين بن منصور النيسابوري ، قال : حدثنا مالك بن سعير بن الخمس ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي [ ص: 265 ] ليلى أنه ذكرعنده حيات البيوت ، فقال : إذا رأيتم منها شيئا في مساكنكم فقولوا : أنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم نوح عليه السلام ، وأنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان عليه السلام ، فإذا رأيتم منهن شيئا بعد ذلك فاقتلوه .

حدثنا أحمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن فطيس ، قال : حدثنا بحر بن نصر ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الجن على ثلاثة أثلاث : فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء ، وثلث حيات وكلاب ، وثلث يحلون ويظعنون .

حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا داود ، قال : حدثنا أبو نضرة ، أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه أن رجلا من الأنصار خرج عشاء من أهله يريد مسجد قومه فاستطير ، فالتمس فلم يوجد ، فانطلقت امرأته إلى عمر بن الخطاب ، فذكرت ذلك له ، فدعا بقومه فسألهم عنه ، فحدثوه بمثل ما حدثته امرأته ، فقال لهم : أما سمعتم منه ذكرا بعد ؟ قالوا : لا ، فأمرها أن [ ص: 266 ] تتربص أربع سنين ، ففعلت ، ثم أتته فأخبرته أنها لم يذكر لها منه ذكر ، فدعا قومه فسألهم عن ذلك ، فقالوا : ما ذكر لنا منه ذكر ، فأمرها أن تعتد منه ، فاعتدت ثم جاءته فأمرها أن تتزوج إن شاءت ، فتزوجت ثم جاء زوجها الأول بعد ذلك فقال : زوجت امرأتي ؟ فقال عمر : لم أفعل ، ودعاها عمر فقالت : أنا المرأة التي أخبرتك بذهاب زوجي ، فأمرتني أن أتربص أربع سنين ، ففعلت ثم أتيتك فأمرتني أن أعتد فاعتددت ثم جئتك ، فأمرتني أن أتزوج ففعلت ، فقال عمر : ينطلق أحدكم فيغيب عن أهله أربع سنين ، ليس بغاز ولا تاجر ، فقال له الرجل : إني خرجت عشاء من أهلي أريد مسجد قومي فاستبتني الجن ، فكنت فيهم حتى غزاهم جن مسلمون فأصابوني في السبي ، فسألوني عن ديني ، فأخبرتهم أني مسلم ، فخيروني بين أن يردوني إلى قومي وبين أن أمكث معهم ويواسوني ، فاخترت أن يردوني إلى قومي ، فبعثوا معي نفرا ، أما الليل فرجال يحدثوني ، وأما النهار فأعصار ريح اتبعها حتى هبطت إليكم ، فقال له عمر : فما كان طعامك فيهم ؟ فقال : ما لم يذكر اسم الله عليه وهذا الفول ، فخيره عمر بين المهر والمرأة .

حدثنا خلف بن القاسم ، قال حدثنا بكير بن الحسن بن عبد الله بن سلمة الرازي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي الباكسالي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن [ ص: 267 ] أبي سنان ، عن أبي منيب ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خلق الله الجن ثلاثة أثلاث : فثلث كلاب وحيات وخشاش الأرض ، وثلث ريح هفافة ، وثلث كبني آدم لهم الثواب وعليهم العقاب ، وخلق الله الإنس ثلاثة أثلاث : فثلث لهم قلوب لا يفقهون بها ، وأعين لا يبصرون بها ، وآذان لا يسمعون بها ، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ، وثلث أجسادهم أجساد بني آدم ، وقلوبهم قلوب شياطين ، وثلث في ظل الله يوم القيامة .

وروينا من وجوه أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جنانا ، فأريت في المنام أن قائلا يقول لها : قد قتلت مسلما ، فقالت : لو كان مسلما لم يدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما دخل عليك إلا عليك ثيابك ، فأصبحت فأمرت باثني عشر ألف درهم ، فجعلت في سبيل الله .

قال أبو عمر : الغول وجمعها أغوال ، والسعلاة وجمعها السعالى - ضربان من الجن ، ونوع من شياطينهن ، قالوا : إنها تتصور صورا كثيرة في القفار أمام الرفاق وغيرها ، فتطول مرة وتصغر أخرى ، وتقبح مرة وتحسن أخرى ، مرة في صورة بنات آدم وبني آدم ، ومرة في صورة الدواب وغير ذلك كيف شاءت ، قال كعب بن زهير :

فما تدوم على حال تكون بها كما تغول في أثوابها الغول

[ ص: 268 ] وفي الحديث المرفوع : إذا تغولت الغيلان فأذنوا بالصلاة أي : إذا شبهت عليكم الطريق فأذنوا تهتدوا .

وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا حمزة بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب النسوي ، قال : أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا هشام ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوى بالليل ، وإذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان . مختصرا .

وأما قوله في حديث عائشة : قتلت جنانا . فروي عن ابن عباس أنه قال : الجنان مسخ الجن ، كما مسخت القردة من بني إسرائيل ، وقد روي عن ابن عمر مثله .

وقال الخليل : الجنان : الحية ، وقال نفطويه : الجنان : الحيات وأنشد للخطفي جد جرير

أعناق جنان وهاما رجفا

وقال غيره :

تبدل حالا بعد حال عهدته     تناوح جنان بهن وخيل

[ ص: 269 ] قال ابن أبي ليلى : الجنان الذين لا يعرضون للناس ، والخيل : الذين يتخيلون للناس ويؤذونهم .

أخبرنا عبد الله حدثنا حمزة ، حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرني إبراهيم بن يعقوب ، قال : حدثنا الحسن بن موسى ، قال : حدثنا شيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي بن لاحق ، عن محمد ، قال : وكان أبي بن كعب جد محمد ، قال : كان لأبي بن كعب جرن من طعام .

وحدثنا عبد الله ، حدثنا حمزة ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا معاذ بن هانئ ، قال : حدثني حرب بن شداد ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني الحضرمي بن لاحق التميمي ، قال : حدثني محمد بن أبي بن كعب ، قال : كان لجدي جرن من طعام ، وكان يتعاهده ، فوجده ينقص ، فحرسه ذات ليلة ، فإذا هو بدابة تشبه الغلام المحتلم ، فسلم فرد عليه السلام ، فقال : من أنت ؟ أجن أم إنس ؟ قال : بل جن . قال : أعطني يدك ، فأعطاه فإذا يد كلب وشعر كلب ، قال : هكذا خلق الجن ، قال : قد علمت الجن أنه ما فيهم أشد مني ، قال : ما شأنك ؟ قال : أنبئت أنك رجل تحب الصدقة ، فأحببنا أن نصيب من طعامك ، قال : ما يجير [ ص: 270 ] منكم ؟ قال : هذه الآية في سورة البقرة ، آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) إذا قلتها حين تصبح أجرت منا حتى تمسي ، وإذا قلتها حين تمسي أجرت منا حتى تصبح ، فغدا أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق الخبيث .

ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن أبي بن كعب ، أن أباه أخبره أنه كان لهم جرن من تمر ، وساق الحديث بمثل ما تقدم ، ولم يذكر في إسناده الحضرمي بن لاحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية