التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 279 ] مالك ، عن صالح بن كيسان ، حديثان .

وصالح بن كيسان هذا يكنى أبا محمد ، وقيل : يكنى أبا الحرث واختلف في نسبه وولائه ، فقيل : هو من خزاعة ، وقيل : هو مولى لبني عامر ، أو بني غفار ، وقيل : مولى لأصبح ، وقيل : مولى لدوس .

وقال الواقدي : حدثني عبد الله بن جعفر ، قال : دخلت على صالح بن كيسان وهو يوصي ، فقال : أشهد أن ولائي لامرأة مولاة لآل معيقيب الدوسي ، فقال له سعيد بن عبد الله بن هرمز : ينبغي أن تكتبه ، فقال : إني لأشهدك ، أنت شكاك - وكان سعيد صاحب وضوء وشك فيه .

قال أبو عمر : كان صالح بن كيسان هذا من أهل العلم والحفظ والفهم ، وكان كثير الحديث ، ثقة حجة فيما نقل ، كان مع عمر بن عبد العزيز وهو أمير على المدينة ، ثم بعث إليه الوليد بن عبد الملك ، فضمه إلى ابنه عبد العزيز [ ص: 280 ] ابن الوليد ، وكان مسنا ، أدرك عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وسمع منهما ، ثم روى عن نافع ، وعن ابن شهاب كثيرا .

قال يحيى بن معين : صالح بن كيسان أكبر من الزهري قال : وقد سمع من ابن عمر ، وابن الزبير .

وقال البخاري : أخبرنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن صالح بن كيسان سمع ابن عمر في الصرف .

وقال ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار : كان صالح بن كيسان من رجالنا عند الحسن بن محمد . يعني بالمدينة .

وروى معمر ، وعمرو بن دينار ، عن صالح بن كيسان ، قال : اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم ، فقلنا : نكتب السنن ، فكتبنا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال الزهري : نكتب ما جاء عن أصحابه ; فإنه سنة ، قال : قلت أنا : ليس بسنة ، فلا نكتبه . قال : فكتب ولم أكتب ، فأنجح وضيعت .

وذكر الحسن بن علي الحلواني ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : كنت أخرج مع صالح بن كيسان إلى الحج والعمرة [ ص: 281 ] فكان ربما ختم القرآن مرتين في ليلة بين شعبتي رحله ، وصالح بن كيسان هو القائل : إن الله عز وجل جواد ، إذا أشار بشيء من الخير إلى أحد أتمه ولم ينقص منه شيئا . في كلام قاله لصديقه عكرمة بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، وكان صديقا له يشاوره في شيء ، واختلف في وقت وفاته ، فقيل : كانت وفاته بالمدينة سنة أربعين ومائة ، وقال الواقدي : مات صالح بن كيسان بعد سنة أربعين ومائة ، قبل مخرج محمد بن عبد الله بن حسن .

[ ص: 282 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية