التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
836 [ ص: 91 ] حديث ثالث لجعفر بن محمد متصل

مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ، ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك .


في هذا الحديث أن الوقوف على الصفا والمروة والمشي بينهما والسعي من شعائر الحج لقوله صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم ، وفيه أن الصفا والمروة موضع دعاء ترجى فيه الإجابة ، وفيه أن الدعاء يفتتح بالتكبير والتهليل ، وفيه أن عدد التكبير في ذلك الموضع ثلاث والتهليل مرة واحدة ، ثم الدعاء والذكر والدعاء في ذلك الموضع وغيره من سائر مواقف الحج مندوب إليه مستحب لما فيه من الفضل ورجاء الإجابة ، وليس بفرض عند الجميع ، ومن زاد على ما ذكر في هذا الحديث من التهليل والتكبير والذكر ، فلا حرج . وأحب إلى استعمال ما فيه على حسبه ، وبالله التوفيق .

وكذلك أحب للمرتقي على الصفا والمروة أن يعلو عليهما حتى يبدو له البيت ; لما رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصعد على الصفا والمروة حتى يبدو له البيت ، وهو حديث انفرد به عبد الرزاق عن مالك .

[ ص: 92 ] فإن لم يفعل ، فلا حرج ، وكذلك انفرد الوليد بن مسلم عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى المقام قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فصلى ركعتين قرأ فيهما بفاتحة الكتاب و قل ياأيها الكافرون و قل هو الله أحد ، ثم عاد إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج إلى الصفا ، فقال : نبدأ بما بدأ الله به إن الصفا والمروة من شعائر الله والذي انفرد به الوليد وأغرب فيه عن مالك قوله : لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . وسائر ذلك في الموطأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية