التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1844 [ ص: 13 ] حديث سابع لعبد الله بن دينار ، عن ابن عمر

مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما .


وهذا الحديث رواه جماعة ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر كما رواه يحيى .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج ، حدثنا سعد بن كثير بن عفير ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : أيما رجل قال لأخيه : كافر باء بها أحدهما .

وحدثنا خلف ، حدثنا عمر بن محمد بن القاسم ومحمد بن أحمد بن كامل ومحمد بن أحمد بن المسور ، قالوا : [ ص: 14 ] حدثنا بكر بن سهل ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : أيما رجل قال لأخيه : كافر ، فقد باء بها أحدهما ورواه جماعة ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عطية ، حدثنا زكرياء بن يحيى ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا يزيد بن المغلس ، حدثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا قال الرجل لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما .

وكذلك رواه ابن زنبر ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : إذا سمى الرجل الآخر كافرا ، فقد كفر أحدهما ، إن كان الذي قيل له كافر فقد صدق صاحبه كما قال له ، وإن لم يكن كما قال فقد باء الذي قال بالكفر .

وكذلك رواه يحيى بن بكير ، عن ابن وهب ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - عليه السلام - مثله سواء ، والحديث لمالك عنهما جميعا ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيح .

والمعنى فيه عند أهل الفقه والأثر - أهل السنة والجماعة - النهي عن أن يكفر المسلم أخاه المسلم بذنب أو بتأويل لا يخرجه من الإسلام عند الجميع , فورد النهي عن تكفير المسلم .

[ ص: 15 ] في هذا الحديث ، وغيره بلفظ الخبر دون لفظ النهي ، وهذا موجود في القرآن والسنة ومعروف في لسان العرب .

وفي سماع أشهب سئل مالك ، عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لرجل : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما ، قال : أرى ذلك في الحرورية ، فقلت له : أفتراهم بذلك كفارا ، فقال : ما أدري ما هذا ، ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما - قوله - صلى الله عليه وسلم - : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وقوله : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، ومثل هذا كثير من الآثار التي وردت بلفظ التغليظ ، وليست على ظاهرها عند أهل الحق والعلم لأصول تدفعها أقوى منها من الكتاب والسنة المجتمع عليها ، والآثار الثابتة أيضا من جهة الإسناد ، وهذا باب يتسع القول فيه ويكثر ، فنذكر منه هاهنا ما فيه كفاية إن شاء [ ص: 16 ] الله ، وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج ، والمعتزلة في هذا الباب ، فاحتجوا بهذه الآثار ومثلها في تكفير المذنبين ، واحتجوا من كتاب الله بآيات ليست على ظاهرها ؛ مثل قوله عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( ، وقوله : أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) ، وقوله : ( إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين ) ، وقوله : إن هم إلا يخرصون ) ، وقوله : ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ونحو هذا .

وروي عن ابن عباس في قول الله عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( ، قال : ليس بكفر ينقل عن الملة ، ولكنه كفر دون كفر ، وقد أوضحنا معنى الكفر في اللغة في مواضع من هذا الكتاب ، والحجة عليهم قول الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ومعلوم أن هذا بعد الموت لمن لم يتب ; لأن الشرك من تاب منه قبل الموت ، وانتهى عنه غفر له كما تغفر الذنوب كلها بالتوبة جميعا ، قال الله عز وجل : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) [ ص: 17 ] وقد وردت آيات في القرآن محكمات تدل أنه لا يكفر أحد إلا بعد العلم والعناد ، منها قول الله عز وجل : ( ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ) و ( ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ) ، وقوله : ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) وقوله : ( ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ) ، وقوله : ( مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ) إلى قوله : ( فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ) ثم قال على إثر ذلك : ( ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ) ، ثم قال ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) ، ثم ذكر الأمم فقال : ( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم ) ، ثم ذكر الأمم فقال : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) ، [ ص: 18 ] ولذلك قال : ( تشابهت قلوبهم ) ( وخضتم كالذي خاضوا ) ، وقال : ( وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ) ، وقال : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) ، وقال : ( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) ، وقال : ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ) ، وقال : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ) ، وقال : ( شاهدين على أنفسهم بالكفر ) ، وقال : ( فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ) الآية ، وقال : ( وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ) ، وقال : ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) إلى آيات كثيرة في معنى ما ذكرنا , كلها تدل على معاندة الكفار ، وأنهم إنما كفروا بالمعاندة ، والاستكبار ، وقال عز وجل : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، [ ص: 19 ] وقوله : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) وقوله - صلى الله عليه وسلم - : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات وهو يشرك بالله شيئا فهو في النار ، وجعل الله عز وجل في بعض الكبائر حدودا جعلها طهرة , وفرض كفارات في كتابه للذنوب من التقرب إليه بما يرضيه ، فجعل على القاذف جلد ثمانين إن لم يأت بأربعة شهداء ، ولم يجعله بقذفه كافرا وجعل على الزاني مائة ، وذلك طهرة له كما قال صلى الله عليه وسلم في التي رجمها : لقد خرجت من ذنوبها كيوم ولدتها أمها ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أقيم عليه الحد فهو له كفارة , ومن لم يقم عليه حده فأمره إلى الله إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه , وما لم يجعل فيه حدا فرض فيه التوبة منه ، والخروج عنه إن كان ظلما لعباده ، وليس في شيء من السنن المجتمع عليها ما يدل على تكفير أحد بذنب ، وقد أحاط العلم بأن العقوبات على الذنوب كفارات ، وجاءت بذلك السنن الثابتة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاءت [ ص: 20 ] بكفارة الأيمان ، والظهار ، والفطر في رمضان ، وأجمع علماء المسلمين أن الكافر لا يرث المسلم ، وأجمعوا أن المذنب ، وإن مات مصرا - يرثه ورثته ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ، وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا ونسك نسكنا فهو المسلم ، له ما للمسلم وعليه ما على المسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : الندم توبة رواه عبد الله بن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال صلى الله عليه وسلم : ليس أحد من خلق الله إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكرياء ، وقال صلى الله عليه وسلم : لولا أنكم تذنبون وتستغفرون لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم , إن الله يحب أن يغفر لعباده .

ومن هذا قول الأول :


إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما

[ ص: 21 ] فهذه الأصول كلها تشهد على أن الذنوب لا يكفر بها أحد ، وهذا يبين لك أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما أنه ليس على ظاهره ، وأن المعنى فيه النهي عن أن يقول أحد لأخيه كافر أو يا كافر .

قيل لجابر بن عبد الله : يا أبا محمد هل كنتم تسمون شيئا من الذنوب كفرا أو شركا أو نفاقا ؟ ، قال : معاذ الله ، ولكنا نقول : مؤمنين مذنبين . روي ذلك عن جابر من وجوه ومن حديث الأعمش ، عن أبي سفيان قال ، قلت : لجابر : أكنتم تقولون لأحد من أهل القبلة كافر ؟ ، قال : لا ، قلت : فمشرك ؟ ، قال : معاذ الله وفزع ، وقد قال جماعة من أهل العلم في قول الله عز وجل : ( ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) هو قول الرجل لأخيه : يا كافر : يا فاسق ، وهذا موافق لهذا الحديث , فالقرآن والسنة ينهيان عن تفسيق المسلم وتكفيره ببيان لا إشكال فيه .

ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين ، ثم أذنب ذنبا أو تأول تأويلا ، فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام - لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنى يوجب حجة ، ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنة ثابتة لا معارض لها .

[ ص: 22 ] وقد اتفق أهل السنة ، والجماعة وهم أهل الفقه والأثر على أن أحدا لا يخرجه ذنبه - وإن عظم - من الإسلام وخالفهم أهل البدع ، فالواجب في النظر أن لا يكفر إلا من اتفق الجميع على تكفيره أو قام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أوسنة .

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : فقد باء بها أي قد احتمل الذنب في ذلك القول أحدهما ، قال الخليل بن أحمد - رحمه الله - : باء بذنبه أي احتمله ، ومثله قوله عز وجل : ( وباءوا بغضب من الله ) ، وقوله : ( فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ) والمعنى في قوله : فقد باء بها أحدهما يريد أن المقول له : يا كافر إن كان كذلك ، فقد احتمل ذنبه ، ولا شيء على القائل له ذلك لصدقه في قوله ، فإن لم يكن كذلك ، فقد باء القائل بذنب كبير وإثم عظيم واحتمله بقوله ذلك ، وهذا غاية في التحذير من هذا القول ، والنهي عن أن يقال لأحد من أهل القبلة : يا كافر .

حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا شعبة ، عن عبد الله بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : إذا [ ص: 23 ] قال الرجل لأخيه : يا كافر أو أنت كافر ، فقد باء بها أحدهما ، فإن كان كما قال ، وإلا رجعت إلى الأول .

وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : أخبرنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن محمد القاضي البرتي ببغداد ، قال : أخبرنا عبد الوارث بن سعيد ، عن الحسين المعلم ، عن ابن بريدة ، قال : حدثني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الدئلي حدثه ، عن أبي ذر أنه سمع النبي - عليه السلام - يقول : لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو بالكفر إلا ردت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، وموسى بن معاوية ، قالا : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن ثابت بن الضحاك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله .

حدثنا أحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا [ ص: 24 ] أبو عمرو عبيد بن عقيل ، قال : سمعت جرير بن حازم يحدث ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن , فليت شعري من قال لأخيه : يا كافر ، وهو ممن تسره حسنته وتسوءه سيئته , لأي شيء تكون الشهادة عليه بالكفر أولى من الشهادة له بالإيمان .

وروى الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عمل مثل قراب الأرض خطيئة ، ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ورواه شعبة ، عن واصل ، عن المعرور بن سويد ، قال : سمعت أبا ذر يقوله . وعن ابن عمر ، قال : كنا نشهد على أهل الموجبتين بالكفر حتى نزلت ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .

وأخبرنا أحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن [ ص: 25 ] زياد ، عن عبد الله بن راشد مولى عثمان بن عفان ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بين يدي الرحمن للوحا فيه ثلاثمائة وخمس عشرة شريعة ، يقول الرحمن : وعزتي لا يأتيني عبد من عبادي بواحدة منهن ، وهو لا يشرك بي شيئا إلا أدخلته الجنة .

وأخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا وهب بن مسرة ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن شريح ، قال : حدثني أبو هانئ ، عن أبي علي الجنبي ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، قال : حدثني أبو إسحاق ، عن فروة بن مالك [ ص: 26 ] الأشجعي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال لظئر له أو لرجل من أهله : اقرأ بـ " قل يا أيها الكافرون " عند منامك ، فإنها براءة من الشرك .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس ، فقال : تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا - قرأ عليهم الآية - فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عز وجل عليه ، فهو إلى الله إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له .

قال أبو عمر : هذا من أصح حديث يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه أهل السنة والجماعة ، وهو يضاهي قول الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، والآثار في هذا الباب كثيرة جدا لا يمكن أن يحيط بها كتاب ، فالأحاديث اللينة ترجى ، والشديدة تخشى ، والمؤمن موقوف بين الخوف والرجاء ، والمذنب إن لم [ ص: 27 ] يتب في مشيئة الله .

روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه ، قال : ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الآية ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ومن شرح الله صدره فالقليل يكفيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية