صفحة جزء
493 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، قالت : سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة ، كيف تصنع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ، ثم لتنضحه بماء ، ثم لتصلي فيه " ) . متفق عليه .


493 - ( وعن أسماء بنت أبي بكر قالت : سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ووقع في رواية الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن هشام في هذا الحديث : أن أسماء هي السائلة ، وأغرب النووي فضعف هذه الرواية بلا دليل ، وهي صحيحة الإسناد ، ولا بعد في أن يبهم الراوي نفسه كما في حديث أبي سعيد في قصة الرقية بفاتحة الكتاب ، كذا نقله ميرك عن الشيخ ابن حجر . ( فقالت : يا رسول الله ، أرأيت إحدانا ) : بحذف مضاف أي : أخبرني في حال إحدانا ( إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة ) : بكسر الحاء أي : من دم الحيض . قال صاحب التخريج : هي بفتح الحاء الحيض اهـ . وبكسرها هي الخرقة التي تستثفرها المرأة في الحيض ، وكلاهما محتمل في الحديث ، والمشهور في الرواية الكسر ، كذا ذكره السيد .

[ ص: 463 ] قال ابن الملك : هي بكسر الحاء أي : الخرقة ، وقد تكون اسما من الحيض ونوعا منه ، ويفرق بينهما بالقرائن السابقة ، وبالفتح المرأة تريد أنها يصيبها من دم الحيض شيء ( كيف تصنع ؟ ) : متعلق بالاستخبار أي : أخبرنا كيف تصنع إحدانا ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيض ) : ذكر الثوب ليس للتقييد ، بل لموافقة الواقع ، فلا يختلف الحكم ( فلتقرصه ) : بضم الراء وسكون الصاد المهملة ( ثم لتنضحه ) : بكسر اللام وتسكن ، وفتح الضاد المعجمة وتكسر . قال في شمس العلوم : نضح بالفتح ينضح كذلك ، وبالكسر أيضا بماء . في النهاية ، القرص : الدلك بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره ، وهو أبلغ في غسل الدم ، والنضح يستعمل في الصب شيئا فشيئا ، وهو المراد هنا قاله الطيبي . قيل : لأن الرش مع بقاء أثر الدم لا يزداد إلا نجاسة . وقال ابن الملك : أي فلتمسحه بيدها مسحا شديدا قبل الغسل حتى يتفتت ، ثم لتنضحه أي : لتغسله بماء ، بأن تصب عليه شيئا فشيئا حتى يذهب أثره تخفيفا لإزالة النجاسة .

قلت : ويؤيده خبر : حتيه ثم اقرصيه ، لكن يستثنى ما لو عسرت إزالة الأثر بقوله عليه الصلاة والسلام ، لما سئل عن بقاء الأثر : الماء يكفيك ولا يضرك أثره ، وهو وإن كان ضعيفا لكنه اعتضد بخبر جماعة أنه عليه الصلاة والسلام سألته امرأة عن دم الحيض تغسله فيبقى أثره فقال ( يكفيك ولا يضرك أثره ) ( ثم لتصلي فيه ) : أي : في ذلك الثوب ، فإنه لا بأس بعد هذا ; لأن إزالة لون الدم متعسرة ( متفق عليه ) : قال الخطابي : في الحديث دليل على تعيين الماء في إزالة النجاسة ; لأنه عليه الصلاة والسلام أمرها بإزالة الحيضة به ، ولا فرق بين النجاسات إجماعا اهـ . وفيه أنه لا تعيين بطريق الحصر ، بل ذكره واقعي غالبي أو يقيس عليه ما في معناه من المائع المزيل والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية