صفحة جزء
5056 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني . فقال : " خذ الأمر بالتدبير ، فإن رأيت في عاقبته خيرا فأمضه ، وإن خفت غيا فأمسك " . رواه في " شرح السنة " .


5056 - ( وعن أنس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ) أي : بشيء يزيل تحيري في أمري ( فقال : خذ الأمر ) أي : الذي تريد أن تفعله ( بالتدبر ) من باب التفعيل أي بالتفكر في دبره والتأمل في مصالحه ومفاسده والنظر في عاقبة أمره . ( فإن رأيت في عاقبته خيرا ) أي : نفعا دنيويا أو أخرويا ( فأمضه ) بقطع الهمزة أي فافعله ( وإن خفت ) أي : رأيت بقرينة القريبة ففيه تفنن ، وما أحسن موقعه في الشر المعبر عنه بقوله : ( غيا ) أي : ضلالة ، وإنما ترك مراعاة المقابلة ليفيد زيادة إفادة المشاكلة ، فكأنه قال في الأول خير وهداية ، وفي الثاني شر وضلالة ، وهذا بعض الصنيع من صنائع البديع ، ثم قوله : ( رأيت ) ، بمعنى علمت أو ظننت ، والثاني أظهر لأنه مبنى الأمور الشرعية غالبها ، والمطالب العرفية كلها إنما هو على الظن لا سيما بالنسبة إلى المخاطب ، فإن أرباب اليقين في كل قضية لا يوجد إلا من الأنبياء وكمل العارفين مع أن حكم العلم يعلم بالأولى كما لا يخفى .

وقال الطيبي : الخوف هنا بمعنى الظن كما في قوله تعالى : إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ويجوز أن يكون بمعنى العلم واليقين لأن من خاف من شيء احترز عنه وتحرى حقيقته اهـ ، وفيه بحث ليحقق حقيقته . قال : وهذا أنسب للمقام لأنه وقع في مقابلة ( رأيت ) ، وهو بمعنى العلم وهما نتيجة التفكر والتدبير . قلت : بل هما المتفرعان عليهما المنتجان للفعل المعبر عنه بالإمضاء والترك المعبر عنه بقوله : ( فأمسك ) أي : كف عنه واتركه ( رواه في شرح السنة ) . وذكر السيوطي المرفوع في الجامع الصغير وقال : رواه عبد الرازق في الجامع ، وابن عدي في الكامل ، والبيهقي في شعب الإيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية