صفحة جزء
495 - وعن الأسود وهمام ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم .


495 - ( وعن الأسود ) : هو النخعي ، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، ورأى الخلفاء الراشدين ، وهو خال إبراهيم النخعي ، ذكره الطيبي ، وقال المصنف : هو الأسود بن هلال المحاربي ، روى عن عمر ، ومعاذ ، وابن مسعود ، وعنه جماعة ، مات سنة أربع وثمانين . ( وهمام ) : بالتشديد ، هو ابن الحارث نخعي تابعي ، ذكره الطيبي وزاد المصنف : سمع ابن مسعود ، وعائشة وغيرهما من الصحابة . روى عنه إبراهيم النخعي ، ( عن عائشة ، قالت : كنت أفرك ) : بضم الراء وتكسر ( المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي : أدلكه وأمسحه منه . قال الطيبي : الفرك : الدلك حتى يذهب الأثر من الثوب . في شرح السنة مذهب الشافعي : أن المني طاهر ، وعند أصحاب الرأي نجس يغسل رطبه ، ويفرك يابسه ، ومن قال بالطهارة قال : حديث الغسل لا يخالف حديث الفرك ، وهو على سبيل الاستحباب والنظافة يعني : كغسل الثوب من المخاط والنجاسة ، والحديثان إذا أمكن استعمالهما لم يجز حملهما على التناقض اهـ .

وحاصل تمسك الشافعية بالحديث المذكور أنه لو كان هو نجسا لم يكتف بفركه ، ودليل الحنفية الحديث الذي في صحيح أبي عوانة ، عن عائشة قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا ، وأمسحه [ ص: 464 ] أو أغسله ، شك الحميدي ، إذا كان رطبا . ورواه الدارقطني : وأغسله من غير شك ، وهذا فعلها . والظاهر أن ذلك بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ، خصوصا إذا تكرر منها مع التفاته عليه الصلاة والسلام إلى طهارة ثوبه وفحصه عن حاله ، فلو كان طاهرا لمنعها من إتلاف الماء بغير حاجة . وقد روى الدارقطني عن عمار بن ياسر قال : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بئر أدلو ماء في ركوة فقال : ( يا عمار ، ما تصنع ؟ ) قلت : يا رسول الله ، بأبي وأمي ، أغسل ثوبي من نخامة أصابته ، فقال : ( يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس : من الغائط ، والبول ، والقيء ، والدم ، والمني ، يا عمار ما نخامتك ودموع عينيك والماء الذي في ركوتك إلا سواء ) . وأما حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المني يصيب الثوب فقال : ( إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق ، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة ) فهو بعد تسليم حجته معارض بما قدمنا ، ورجح ذلك بأن المحرم مقدم على المبيح ، هذا خلاصة كلام ابن الهمام . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية