صفحة جزء
5164 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا " . وفي رواية : ( كفافا ) . متفق عليه .


5164 - ( وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اللهم اجعل رزق آل محمد ) أي : ذريته وأهل بيته أو أتباع محمد وأحبابه على وجه الكمال ( قوتا ) أي : ما يكسب قوة على الطاعة ويسد رمقا في المعيشة . ( وفي رواية : " كفافا ) : بفتح الكاف ، وهو من القوت ما يكف الرجل من الجوع أو عن السؤال ، والظاهر أن هذه الرواية تفسير للأولى ، وبيان أن الاكتفاء بأدنى المعيشة هو الطريق الأولى ، وقد استجاب الله دعاءه في حق من شاء ممن أراد اصطفاءه واجتباءه ، ويؤيد القول الثاني ، وهو أن يكون المراد [ ص: 3234 ] بالآل خواص أمته من أرباب الكمال ما ورد في دعائه عليه الصلاة والسلام على ما رواه ابن ماجه عن عمرو بن غيلان الثقفي ، والطبراني عن معاذ بن جبل : " اللهم من آمن بي وصدقني وعلم أن ما جئت به هو الحق من عندك فأقلل ماله وولده وحبب إليه لقاءك وعجل له القضاء ، ومن لم يؤمن بي ولم يصدقني ولم يعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأكثر ماله وولده وأطل عمره " ولعل السبب في ذلك ما ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم : " قليل يكفيك خير من كثير يطغيك " . وفي رواية : قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، ونعم ما قال بعض أرباب الحال :


زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران



هذا وفي النهاية : الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه . قال الطيبي رحمه الله : هذه الرواية مفسرة للرواية الأولى ، لأن القوت ما يسد به الرمق ، وقيل : سمي قوتا لحصول القوة منه سلك - صلى الله عليه وسلم - طريق الاقتصاد المحمود ، فإن كثرة المال تلهي وقلته تنسي ، فما قل وكفى خير مما كثر وألهى . وفي دعاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إرشاد لأمته كل الإرشاد إلى أن الزيادة على الكفاف لا ينبغي أن يتعب الرجل في طلبه ; لأنه لا خير فيه ، وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، فمنهم من يعتاد قلة الأكل حتى إنه يأكل في كل أسبوع مرة فكفافه وقوته تلك المرة في أسبوع ، ومنهم من يعتاد الأكل في كل يوم مرة أو مرتين ، فكفافه ذلك أيضا لأنه إن تركه أضره ذلك ، ولم يقو على الطاعة . ومنها من يكون كثير العيال فكفافه ما يسد رمق عياله ، ومنهم من يقل عياله ، فلا يحتاج إلى طلب الزيادة وكثرة الاشتغال ، فإذا قدر الكفاية غير مقدر ، ومقداره غير معين إلا أن المحمود ما به القوة ، على الطاعة والاشتغال به على قدر الحاجة . ( متفق عليه ) : وفي الجامع : " اللهم ارزق آل محمد في الدنيا قوتا " . رواه مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه عن أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية