صفحة جزء
503 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى ، فإن التراب له طهور . رواه أبو داود ، ولابن ماجه معناه .


503 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وطئ " ) : بكسر الطاء بعده همزة ) أي : قرب ومسح وداس ( أحدكم بنعله ) : وفي معناه الخف ( الأذى ) : أي النجاسة يعني فتنجس ( فإن التراب ) أي : بعده ( له ) أي : لنعل أحدكم ، ورجع الضمير للأذى مفسد للمعنى ( طهور ) : أي : مطهر .

قال في شرح السنة : ذهب أكثر أهل العلم إلى ظاهر الحديث ، وقالوا : إذا أصاب أكثر الخف أو النعل نجاسة فدلكه بالأرض حتى ذهب أكثرها فهو طاهر ، وجازت الصلاة فيها ، وبه قال الشافعي في القديم ، وقال في الجديد : لا بد من الغسل بالماء ، فيئول هذا الحديث بأن الوطء على نجاسة يابسة فيتشبث شيء منها ويزول بالدلك ، كما أول حديث أم سلمة الآتي بأن السؤال إنما صدر فيما جر من الثياب على ما كان يابسا من القذر ، إذ ربما يتشبث شيء منها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المكان الذي بعده يزيل ذلك عنه ; لأن الإجماع منعقد على أن الثوب إذا أصابته نجاسة لا يطهر إلا بالغسل . قال التوربشتي : بين الحديثين بون بعيد ، فإن حديث أم سلمة على ظاهره يخالف الإجماع ; لأن الثوب لا يطهر إلا بالغسل ، بخلاف الخف فإن جماعة من التابعين ذهبوا إلى أن الدلك يطهره على أن حديث أبي هريرة حسن لم يطعن فيه ، وحديث أم سلمة مطعون فيه ; لأن ممن يرويه أم ولد لإبراهيم وهي مجهولة . قيل : كان الشيخ يحمل الثوب على النجاسة اليابسة ردا لقول محيي السنة : إنهما محمولان على اليابسة ، وحديث الخف على الرطبة ، والظاهر أن كلاهما محمول على الرطبة إذ قال الأول : طهوره التراب ، وفي الثاني : يطهره ما بعده ولا تطهر إلا بعد النجاسة ، ويؤيد هذا التأويل الحديث الأول من الفصل الثالث من هذا الباب ، وبناء الأمر على اليسر ودفع الحرج ، قاله الطيبي . وفيه أن قول أبي حنيفة في ظاهر الرواية : إن الخف إنما يطهر بالدلك إذا جفت النجاسة عليه ، بخلاف الرطبة ، نعم عن أبي يوسف أنه إذا مسحه على وجه المبالغة والنجاسة متجسدة كالعذرة والروث والمني تطهره إذا كان بحيث لا يبقى لها أثر ، وعليه الفتوى لعموم البلوى ، وإن لم تكن النجاسة متجسدة كالخمر والبول لا تطهر إلا بالغسل كذا ذكره قاضي خان ( رواه أبو داود ) : أي : كذا اللفظ ، وفي سنده رجل مجهول ، كذا نقله السيد عن التخريج ، وتقدم عن ابن الهمام أن حديث أبي هريرة حسن لم يطعن فيه ، وكان الرجل المجهول معلوما عنده ، أو جهالته بكثرة الطرق ترتفع مضرتها . وفي رواية له : إذا وطئ أحدكم الأذى بخفه فطهوره التراب " نقله ميرك . ( ولابن ماجه معناه ) . قال ابن حجر : وسنده حسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية