صفحة جزء
5340 - وعن أم العلاء الأنصارية ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والله لا أدري ، والله لا أدري ، وأنا رسول الله ، ما يفعل بي ولا بكم " ، رواه البخاري .


5340 - ( وعن أم العلاء الأنصارية ) ، هي من المبايعات ، روى عنها خارجة بن زيد بن ثابت وهي أمه ، كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يعودها في مرضها ، ( قالت : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - : " والله لا أدري " ) ، وفي نسخة ( " والله لا أدري " ) مكررا ، ( " وأنا رسول الله " ) - صلى الله عليه وسلم - جملة حالية ( " ما يفعل بي ولا بكم " ) : مفعول لا أدري ، ودخول " لا " لمزيد التأكيد ; ليفيد اشتمال النفي على كل واحد من القبيلين على حده . قال الطيبي - رحمه الله - : فيه وجوه ، أحدها : أن هذا القول منه حين قالت امرأة عثمان بن مظعون لما توفي : هنيئا لك الجنة ، زجرا لها على سوء الأدب بالحكم على الغيب ، ونظيره قوله لعائشة - رضي الله عنها ، [ ص: 3345 ] وعن أبيها - حين سمعها تقول : طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة ، قلت : لا يخفى أن هذا سبب ورود الحديث ، وزمان صدوره ، ولا مدخل له إزالة إشكال معناه . وثانيها : أن يكون هذا منسوخا بقوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر كما ذكره ابن عباس في قوله تعالى : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، قلت : وفيه أن النسخ على تقدير صحته تأخير الناسخ إنما يكون في الأحكام لا في الأخبار ، كما هو مقرر في الاعتبار . وثالثها : أن يكون نفيا للدراية المفصلة دون المجملة ، قلت : هذا هو الصحيح . ورابعها : أن يكون مخصوصا بالأمور الدنيوية ، من غير نظر إلى سبب ورود الحديث ، قلت : وهذا مندرج فيما قبله والحكم بطريق الأعم هو الوجه الأتم ، والمراد بالأمور الدنيوية بالنسبة إليه - صلى الله تعالى عليه وسلم - هي الجوع والعطش ، والشبع والري ، والمرض والصحة ، والفقر والغنى ، وكذا حال الأمة . وقيل : المعنى : وأخرج من بلدي أم أقتل ، كما فعل بالأنبياء قبلي ، وأترمون بالحجارة أم يخسف بكم كالكذابين من قبلكم ؟ والحاصل أنه يريد نفي علم الغيب عن نفسه ، وأنه ليس بمطلع على المكنون .

قال التوربشتي : لا يجوز حمل هذا الحديث وما ورد في معناه على أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - كان مترددا في عاقبة أمره ، غير متيقن بما له عند الله من الحسنى ، لما ورد عنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - من الأحاديث الصحاح التي ينقطع العذر دونها بخلاف ذلك ، وأنى يحمل ذلك ، وهو المخبر عن الله تعالى أنه يبلغه المقام المحمود ، وأنه أكرم الخلائق على الله تعالى ، وأنه أول شافع وأول مشفع إلى غير ذلك . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية