صفحة جزء
5411 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة " . متفق عليه .


5411 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ) : بفتحتين وسكون العين ، أي : من جلود مشعرة غير مدبوغة ، ( " وحتى تقاتلوا الترك " ) ، قال السدي : من الترك شرذمة يأجوج ومأجوج ، وعن قتادة أنهم كانوا اثنتين وعشرين قبيلة ، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين ، وبقيت واحدة ، وهي الترك ; سموا بذلك لأنهم تركوا خارجين ، ( " صغار الأعين " ) : بالنصب وهو من أمارات الحرص على أمتعة الدنيا صغيرها وحقيرها ، والبخل على نقيرها وقطميرها ، ( حمر الوجوه ) أي : من شدة حرارة باطنهم ، وغليان الغضب في أجوافهم ، ( ذلف الأنوف ) بضم الذال المعجمة أي : صغيرها ، فيكون كناية عن عدم شمومهم الحق ، أو عريضها فيدخل فيها الحق والباطل من غير تمييز لهم بينهما ، والأظهر أن معناه فطس الأنوف ، كما في الرواية الآتية جمع أفطس من الفطس بالتحريك ، وهو تطامن قصبة الأنف وانخفاضها وانتشارها ، فيرجع إلى معنى عريضها . وقال القاضي : ذلف جمع أذلف ، وهو الذي يكون أنفه صغيرا ، ويكون في طرفه غلظ . ( " كأن " ) : بتشديد النون ( " وجوههم المجان " ) : بفتح الميم وتشديد النون جمع المجن بكسر الميم ، وهو الترس ، ( " المطرقة " ) بضم الميم وفتح [ ص: 3408 ] الراء المخففة المجلدة طبقا فوق طبق ، وقيل : هي التي ألبست طراقا أي جلدا يغشاها ، وقيل : هي اسم مفعول من الإطراق ، وهو جعل الطراق بكسر الطاء أي : الجلد على وجه الترس ، اهـ . شبه وجوههم بالترس لتبسطها وتدويرها ، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها ، وفيه إشارة إلى أنهم لكبر وجوههم وإدارتها وكثرة لحمها ويبوستها أبوا الوجوه الطامعة في المال والأهل ، ليس فيها لينة الإنسانية ، ولا ملاءمة الإحسانية ، بل كأنهم نوع آخر من جنس الناس ينبغي أن يقال : إنهم نسناس ، ويكفي في ذمهم أنهم فضلة يأجوج ومأجوج ومن إخوانهم ، وأنموذج وعينة من أعيانهم ، فلا شك أنهم يكونون في غاية من الفساد ، ونهاية من الضرر للعباد والبلاد ، ولا أرانا الله وجوههم إلى يوم الميعاد .

قال القاضي - رحمه الله : وقد ورد ذلك في الحديث الذي بعده صفة لخوز وكرمان ، ولو لم يكن ذلك من بعض الرواة ، فلعل المراد بهما صفتان من الترك كأن أحد أصول أحدهما من خوز ، وأحد أصول الآخر من كرمان ، فسماهم الرسول - صلى الله تعالى عليه وسلم - باسمه ، وإن لم يشتهر عندنا ، كما نسبهم إلى قنطوراء ، وهي أمة كانت لإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ولعل المراد بالموعود في الحديث ما وقع في هذا العصر بين المسلمين والترك ، اهـ . والأقرب أنه إشارة إلى قضية جنكين ، وما وقع له من الفساد وخصوصا في بغداد ، والله رؤوف بالعباد . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية