صفحة جزء
الفصل الثاني

530 - عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصعيد الطيب وضوء المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ; فإذا وجد الماء فليمسه بشرته ، فإن ذلك خير " رواه أحمد ، والترمذي ، وأبو داود ، وروى النسائي نحوه إلى قوله : " عشر سنين " .


الفصل الثاني

530 - ( عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصعيد " ) : أي : التراب ، أو وجه الأرض ( الطيب ) : الطاهر المطهر ( وضوء المسلم ) : بفتح الواو ; لأن التراب بمنزلة الماء في صحة الصلاة ، وقيل : بضم الواو أي : استعمال الصعيد على الوجه المخصوص كوضوء المسلم ، فهو تشبيه بليغ ، وعلى التقديرين يفيد أن التيمم رافع للحدث لا مبيح له ، كما قال به الشافعي ، وثمرة الخلاف أنه يصلي بواحد ما شاء من الفرائض والنوافل عندنا خلافا له ( وإن لم يجد الماء ) : إن للوصل ( عشر سنين ) بسكون الشين ، والمراد منه الكثرة لا المدة المقدرة ، فيه دلالة على أن خروج الوقت غير ناقض للتيمم ، بل حكمه حكم الوضوء كما هو مذهبنا ، وما صح عن ابن عمر أنه يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث ، محمول على الاستحباب ، ولا ينافيه قول البيهقي ، ولا يعرف له مخالف من الصحابة ، بل يعضده قول ابن عباس - وإن ضعف سنده - : من السنة أن لا يصلى بتيمم واحد إلا فريضة واحدة ، ثم يجدد للثانية تيمما ، وما قيل : إن قول الصحابة من السنة كذا في حكم المرفوع على الصحيح ، محله أنه لا مجال للرأي فيه مع أنه مع رفعه يدل على السنية لا على الفرضية ، وإلا يلزم أن الحدث الواحد أوجب طهارتين . وقول صاحب الإفصاح من الشافعية ، ويلزم على من جوز فرضين بتيمم كأبي حنيفة وأحمد ، واختاره المتولي والروياني أنه يجوز التيمم قبل الوقت ; لأن التيمم بالنسبة للثانية وقع قبل الوقت - وهو خلاف الإجماع - مردود عليه ; لأن التيمم قبل دخول الوقت جائز عندنا ، فإن حكمه حكم الوضوء ( فإذا وجد الماء ) : أي : كافيا لغسله أو وضوئه ، وفاضلا عن الاحتياج إلى شربه ، وكان قادرا على استعماله ( فليمسه ) : بضم الياء وكسر الميم من الإمساس ( بشرته ) : أي : فليوصل الماء إلى بشرته وجلده ، يعني : فليتوضأ أو يغتسل ( فإن ذلك ) : أي : الإمساس ( خير ) : من الخيور ، وليس معناه أن كليهما جائز عند وجود الماء ، لكن الوضوء خير ، بل المراد أن الوضوء واجب عند وجود الماء ، ونظيره قوله تعالى : " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " مع أنه لا خير ولا أحسنية لمستقر أهل النار ; لما ورد في الرواية الأخرى الصحيحة أنه عليه الصلاة والسلام قال لأبي ذر : " التراب كافيك وإن لم تجد الماء عشر حجج ، وإن وجدت الماء فأمسه جلدك " وهذا أمر ، وهو للوجوب ، ويحتمل أن يقال : فإن ذلك - أي : وجود الماء - خير من فقده ، فإنه نعمة عظيمة ومنحة جسيمة ; لأنه يحصل به طهارة حقيقية حسية وحكمية ، وإن كانت الصلاة صحيحة بهما ، وفيهما خير كثير . ( رواه أحمد ، والترمذي ، وأبو داود ) : الحديث بتمامه لفظا ومعنى .

( وروى النسائي نحوه ) : أي : معناه ( إلى قوله : عشر سنين " ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية