صفحة جزء
5446 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى " . متفق عليه .


5446 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز " ) أي : مكة والمدينة وما حولهما ( " تضيء " ) : بضم أوله أي : تنور ( " أعناق الإبل " ) : جمع العنق بضمتين ، وهو العضو المعروف ، وقيل : بفتحتين وهو الجماعة ، ( " ببصرى " ) : بضم موحدة ، وهي مدينة حوران بالشام ، وقيل : مدينة قيسارية البصرة . قال النووي - رحمه الله : هكذا الرواية بنصب " أعناق " وهو مفعول تضيء ، يقال : أضاءت النار [ ص: 3433 ] وأضاءت غيرها ، وبصرى بضم الباء مدينة معروفة بالشام ، وهي مدينة حوران ، بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل ، وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة ست وخمسين وستمائة ، وكانت نارا عظيمة خرجت من جنب المدينة - شرفها الله تعالى - الشرقي وراء الحرة ، وتواتر العلم بها عند جميع أهل الشام ، وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة . قال التوربشتي - رحمه الله : رأى هذه النار أهل المدينة ومن حولهم رؤية لا مرية فيها ولا خفاء ، فإنها لبثت نحوا من خمسين يوما تتقد وترمي بالأحجار المجمرة بالنار من بطن الأرض إلى ما حولها ، مشاكلة للوصف الذي ذكره الله تعالى في كتابه عن نار جهنم : ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ، وقد سال من ينبوع النار في تلك الصحارى مد عظيم شبيه بالصفر المذاب ، فيجمد الشيء بعد الشيء ، فيوجد شبيها بخبث الحديد .

قال القاضي - رحمه الله : فإن قلت : كيف يصح أن يحمل هذا عليها ، وقد روي في الحديث الذي يليه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " أول أشراط الساعة نار تحشر الناس وهي لم تحدث بعد " .

قلت : لعله لم يرد بذلك أول الأشراط مطلقا بل الأشراط المتصلة بالساعة الدالة على أنها تقوم عما قريب ، فإن من الأشراط بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تتقدمها تلك النار ، أو أراد بالنار نار الحرب والفتن كفتنة التتر ، فإنها سارت من المشرق إلى المغرب . ( متفق عليه ) . قال ميرك نقلا عن التصحيح : والعجب من الحاكم أنه أخرجه في مستدركه على الصحيحين ، وأسنده من طريق رشد بن سعد ، عن عقبة ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، وساقه بلفظه : فاستدركه عليهما ، وهو فيهما ، وأعجب من هذا روايته له من طريق رشد بن سعد ، وهو ضعيف باتفاق الحفاظ اهـ . وقد سبق جوابه بأنه أتى بإسناد غير إسناد الصحيحين ، فيكون مستدركا لا مستدركا ، ويدل عليه أنه روي من طريق رشد ، ولعله قوي عنده أو له متابع أو مشاهد ينجبر به ، مع أنه أقل راو أجمعوا على ضعفه ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية