صفحة جزء
5498 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : صحبت ابن صياد إلى مكة ، فقال لي : ما لقيت من الناس ؟ ! يزعمون أني الدجال ، ألست سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنه لا يولد له " ؟ وقد ولد لي ، أليس قد قال : " هو كافر ؟ " وأنا مسلم ، أوليس قد قال : " لا يدخل المدينة ولا مكة ؟ " وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة ، ثم قال لي في آخر قوله : أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو ، وأعرف أباه وأمه ، قال : فلبسني ، قال : قلت له : تبا لك سائر اليوم ، قال : وقيل له : أيسرك أنك ذاك الرجل ؟ قال : فقال : لو عرض علي ما كرهت . رواه مسلم .


5498 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : صحبت ابن صياد إلى مكة ) أي : متوجهين إليها ( فقال لي : ما لقيت ) : ما : استفهام تعجيب ، أي : شيئا عظيما لقيت ( من الناس ) ؟ أي من كلامهم ، ثم بينه بقوله : ( يزعمون أني الدجال ) أي : ولست إياه ، وقال بعضهم : قوله : يزعمون استئناف ، كأنه لما قال : ما لقيت أي : أي شيء لقيت من الناس ؟ قيل له : ماذا تشكو منهم ؟ فقال يزعمون ، أو حال من فاعل لقيت أي : أي شيء لقيت من الناس وإنهم يزعمون كذا أي : يترددون في أمري ، ويشكون فيه ، أنت تعلم أن الأمر على خلاف ذلك ( ألست سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول : " لا يولد له " وقد ولد لي ، أليس قد قال : " هو كافر ؟ " وأنا مسلم ، أوليس قد قال : " لا يدخل المدينة ولا مكة " وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة ) ، وقد سبق تأويلات الجمل المذكورة ، ( ثم قال لي في آخر قوله : أما والله إني لأعلم ) أي : لأعرف ( مولده ) أي : زمان ولادة الدجال ( ومكانه ) أي : حينئذ ( وأين هو ) أي : الآن ( وأعرف أباه وأمه ) : فيه أنه يحتمل أن يكون كاذبا وصادقا فيه ، ( قال ) أي : أبو سعيد ( فلبسني ) بتخفيف الموحدة المفتوحة . قال النووي - رحمه الله : هو بالتخفيف أي جعلني ألتبس على أمره ، وأشك فيه ، يعني حيث قال أولا : اعلم أنا مسلم ، ثم ادعى الغيب بقوله : إني لأعلم ، ومن ادعى علم الغيب فقد كفر ; فالتبس علي إسلامه وكفره . وقال ابن الملك : فلبسني من التلبيس أي التخليط ; حيث لم يبين مولده وموضعه ، بل تركه ملتبسا فلبس علي ، أو معناه : أوقعني في الشك بقوله : ولد لي ، : وبدخوله المدينة ومكة ، وكان يظن أنه الدجال .

( قال ) أي : أبو سعيد ( قلت له ) أي : لابن صياد ( تبا ) : بتشديد الموحدة أي هلاكا وخسرانا ( لك سائر اليوم ) أي : جميع اليوم أو باقيه ، أي : ما تقدم من اليوم قد خسرت فيه ، فكذا في باقيه ، ( قال ) أي : أبو سعيد ( وقيل له ) أي : لابن صياد ( أيسرك ) أي : أيوقعك في السرور ويفرحك ويعجبك ( أنك ذاك الرجل ) أي : تكون الدجال ، ( قال ) أي : أبو سعيد ( فقال ) أي : ابن صياد ( لو عرض علي ) : بصيغة المجهول أي : لو عرض علي ما جبل في الدجال من الإغواء والخديعة والتلبيس علي ( " ما كرهت " ) أي : بل قبلت ، والحاصل رضاه بكونه الدجال ، وهذا دليل واضح على كفره ، كذا ذكره المظهر وغيره من الشراح . ( رواه مسلم ) .

[ ص: 3490 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية