صفحة جزء
[ 5 ] باب نزول عيسى عليه الصلاة والسلام

الفصل الأول

5505 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم ، حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها " . ثم يقول أبو هريرة : فاقرءوا إن شئتم : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته الآية . متفق عليه .


[ 5 ] باب نزول عيسى عليه الصلاة والسلام

الفصل الأول

5505 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم ، حكما " ) : بفتحتين أي حاكما ( " عدلا " ) أي : عادلا ، ( " فيكسر " ) : بالرفع ، وقيل بالنصب : والفاء فيه تفصيلية لقوله : حكما عدلا ، أو تفريعية أي : يهدم ويقطع ( " الصليب " ) ، قال في شرح السنة وغيره : أي فيبطل النصرانية ويحكم بالملة الحنيفية . وقال ابن الملك : الصليب في اصطلاح النصارى خشبة مثلثة يدعون أن عيسى - عليه الصلاة والسلام - صلب على خشبة مثلثة على تلك الصورة ، وقد يكون فيه صورة المسيح ، ( " ويقتل الخنزير " ) أي : يحرم اقتناءه وأكله ، ويبيح قتله ، في شرح السنة : وفيه بيان أن أعيانها نجسة ; لأن عيسى - عليه الصلاة والسلام - إنما يقتلها على حكم شرع الإسلام ، والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه انتهى . وفيه أنه قد يباح لمصلحة دينية أو دنيوية ، مع أن في كون الخنزير نجس العين بجميع أجزائه خلافا للعلماء ، ( " ويضع الجزية " ) أي : عن أهل الكتاب ، ويحملهم على الإسلام ، ولا يقبل منهم غير دين الحق ، [ ص: 3494 ] وقيل : يضع الجزية عنهم لأنه لا يوجد محتاج يقبل الجزية منهم ; لكثرة المال ، وقلة أهل الحرص والآمال ، ويؤيده قوله : ( " ويفيض " ) : بفتح أوله من فاض الماء يفيض ، إذا كثر حتى سال كالوادي على ما في القاموس ، أي يكثر ( " المال حتى لا يقبله أحد " ) أي : من الرجال ، ( " حتى تكون السجدة " ) أي : الواحدة لما فيها من لذة العبادة ، والمراد بالسجدة نفسها أو الصلاة بكمالها لتضمنها لها ، ( " خيرا من الدنيا وما فيها " ) ، قال الطيبي - رحمه الله تعالى : حتى الأولى متعلقة بقوله : ويفيض المال ، والثانية غاية لمفهوم قوله : فيكسر الصليب إلخ ، أقول : والأظهر أن الثانية بدل من الأولى ، أو غاية لما قبلها قائمة مقام العلة لها . قال التوربشتي - رحمه الله : لم تزل السجدة الواحدة في الحقيقة كذلك ، وإنما أراد بذلك أن الناس يرغبون في أمر الله ويزهدون عن الدنيا ، حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليه من الدنيا وما فيها .

( ثم يقول أبو هريرة : فاقرءوا إن شئتم : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته الآية ) : بالنصب ، ويجوز رفعها وخفضها وقدمنا وجهها . قال الطيبي - رحمه الله : استدل بالآية على نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - في آخر الزمان ; مصداقا للحديث ، وتحريره : أن الضميرين في به وقبل موته لعيسى ، والمعنى : وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى ، وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله ، فتكون الملة واحدة ، وهي ملة الإسلام انتهى .

وقيل : المعنى ليس أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - عند المعاينة قبل خروج الروح ، وهو لا ينفع ، فضمير به راجع إلى نبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم - وضمير موته للكتابي ، وقيل : كل منهم يؤمن عند الموت بعيسى ، وأنه عبد الله وابن أمته ولا ينفع ، وقيل : ضمير به لله سبحانه أي : كل منهم يؤمن به تعالى عند الموت ولا ينفع ، والأولى مذهب أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - في الآية . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية