صفحة جزء
[ 6 ] باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

الفصل الأول

5509 - عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس - رضي الله عنهم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين " . قال شعبة : وسمعت قتادة يقول في قصصه : كفضل إحداهما على الأخرى ، فلا أدري أذكره عن أنس أو قاله قتادة ؟ . متفق عليه .


[ 6 ] باب قرب الساعة

وفى نسخة : القيامة ، وأطلق الساعة عليها لأنها تكون بغتة وفجأة ، فوقوعها في أدنى ما يطلق عليه اسم الزمان ، وإن كانت بالنسبة إلى انتهائها مديدة ، وقيل : أطلقت عليها لطولها ، كما يسمى الزنجي بالكافور تسمية بالضد . ( وأن من مات فقد قامت قيامته ) : عطف على قرب الساعة لا على الساعة لفساد المعنى . قال التوربشتي - رحمه الله : الساعة جزء من أجزاء الزمان ، ويعبر بها عن القيامة ، وقد ورد في كتاب الله وسنة رسوله على أقسام ثلاثة : الكبرى ، وهي بعث الناس للجزاء ، والقيامة الوسطى : وهي انقراض القرن الواحد بالموت ، والقيامة الصغرى : وهي موت الإنسان ، المراد هنا هذه أي الأخيرة ، والظاهر أن المراد بالساعة هي الكبرى ، سواء أريد بها النفخة الأولى لقوله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " ، أو الثانية وهي الطامة الكبرى المعروفة في الكتاب والسنة .

ومن أحاديث الباب قوله - عليه الصلاة والسلام : " بعثت أنا والساعة كهاتين " يحتملهما ، نعم حديث عائشة الآتي يدل على القيامة الوسطى ، وأما في كتاب الله فما أظن أن الساعة وردت بهذا المعنى ، ولا ما يدل على القيامة الصغرى إلا ما رواه الديلمي عن أنس مرفوعا بلفظ : " إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته " ، وهو المعنون في الباب مع عدم إيراد حديث يلائمه ، وهذا كما ترى لم يرد بلفظ الساعة ، وأريد بها القيامة الصغرى ، بل ولا ورد بمعنى القيامة الوسطى إلا بالإضافة ، فالأولى أن يقال : إن الساعة منقسمة إلى ثلاثة : كبرى وهي الطامة الجامعة ، ووسطى وهي النفخة للإماتة العامة ، وصغرى وهي إماتة الجماعة ، والقيامة تطلق على الثلاثة وعلى من مات وحده أيضا ، والله سبحانه وتعالى أعلم . [ ص: 3497 ] الفصل الأول

5509 - ( عن شعبة ) : أحد رواة الحديث ( عن قتادة ) : تابعي جليل ( عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة " ) : بالرفع في بعض ، وفى بعض النسخ بالنصب . قال النووي - رحمه الله : وروي بنصب الساعة ورفعها . قال شارح من علمائنا : الساعة مرفوعة رواية ، ويجوز النصب على أن الواو بمعنى " مع " ، ( " كهاتين " ) ، قال القاضي - رحمه الله : معناه أن نسبة تقدم بعثته على قيام الساعة ، كنسبة فضل إحدى الإصبعين على الأخرى انتهى ، وهو المعنى بما قيل : كفضل الوسطى على السبابة في السبق ، ويدل عليه ما سيأتي من حديث ابن شداد ، والأظهر أن يقال : كفصل إحداهما عن الأخرى بالصاد المهملة ; لما بينهما من قليل الانفصال ، ويؤيده ما في النهاية ، ويحتمل وجها آخر أن يكون المراد منه ارتباط دعوته بالساعة لا تفترق إحداها عن الأخرى ، كما أن السابقة لا تفترق عن الوسطى ، ولم يوجد بينهما ما ليس منهما . وقال شارح آخر : يريد أن دينه متصل بقيام الساعة لا يفصله عنه دين آخر ، ولا يفرق بينهما دعوة أخرى ، كما لا يفصل شيء بين السبابة والوسطى . قال الطيبي - رحمه الله : ويؤيد الوجه الأول الحديث الآتي للمستورد بن شداد . قلت : فيه نظر ; لأن في كل حديث روعي معنى لم يراع في الآخر ، إذ التأسيس أولى من التأكيد ، على أنه لا مانع من أن يلاحظ في هذا الحديث كلا المعنيين ، إذ لا تدافع فيما بينهما في رأي العينين ، نعم يفهم من المعنى الأول إغراق في التشبيه القربي ما لا يفهم من الثاني ; ولذا اختاره بعضهم ، ويؤيده موافقته لتفسير الراوي .

( قال شعبة : وسمعت قتادة يقول في قصصه ) : بفتح القاف مصدر قص يقص ، بمعنى يعظ أو يحكي القصة ، أو يحدث ويروي ، ومنه قوله تعالى : نحن نقص عليك أحسن القصص ، وفى نسخة بكسر القاف ، وهي جمع قصة ، والمعنى في قصص قتادة أي : تحديثه أو تفسير حديثه ، ( كفضل إحداهما ) أي : إحدى الإصبعين ( على الأخرى ) ، قال الطيبي - رحمه الله : قوله : كفضل إحداهما ، بدل من قوله : كهاتين ، موضح له ، وهو يؤيد الوجه الأول ، والرفع على العطف ، والمعنى : بعثت أنا والساعة بعثا متفاضلا مثل فضل إحداهما ، ومعنى النصب لا يستقيم على هذا ، يعني : لا بد على قصد المعية ، لكن يمكن ادعاؤها على طريق المبالغة ، كما عبر عنه في الحديث الآتي بقوله : "بعثت في نفس الساعة " : بفتحتين أي في قربها . ( فلا أدري أذكره ) أي : قتادة ( عن أنس ) أي : مرفوعا أو موقوفا ( أو قاله قتادة ) ؟ أي : من عند نفسه وتلقاء رأيه ، وهو الأظهر حتى يثبت الآخر . ( متفق عليه ) ، ورواه أحمد ، والترمذي عن أنس ، وكذا روى أحمد ، والشيخان عن سهل بن سعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية