صفحة جزء
5550 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ، ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه ، فينظر أيمن منه ، فلا يرى إلا ما قدم من عمله ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة " . متفق عليه .


5550 - ( وعن عدي بن حاتم ) : بكسر التاء ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد ) : من مزيدة لاستغراق النفي ، والخطاب للمؤمنين ( إلا سيكلمه ربه ) أي : بلا واسطة ، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال ( ليس بينه وبينه ) أي : بين الرب والعبد ( ترجمان ) : بفتح الفوقية وسكون الراء وضم الجيم ، ويجوز ضمه إتباعا على ما في نسخة ، وكزعفران على ما في القاموس ، أي : مفسر للكلام بلغة عن لغة ، يقال : ترجمت عنه ، والفعل يدل على أصالة التاء ، وفي التهذيب التاء أصلية وليست بزائدة والكلمة رباعية . ( ولا حجاب ) أي : حاجز وساتر ومانع بينه وبينه ( يحجبه ) أي : يحجب ذلك العبد من ربه ( أيمن منه ) أي : من ذلك الموقف ، وقال شارح : ضمير منه راجع إلى العبد . قلت : والمآل واحد ، والمعنى : ينظر في الجانب الذي على يمينه ، ( فلا يرى إلا ما قدم من عمله ) أي : عمله الصالح مصورا ، أو جزاءه مقدرا ، ( وينظر أشأم منه ) أي : في الجانب الذي في شماله ( فلا يرى إلا ما قدم ) أي : من عمله السيئ ، والحاصل أن النصب في أيمن وأشأم على الظرفية ، والمراد بهما اليمين والشمال ، فقيل : نظر اليمين والشمال هنا كالمثل ; لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينا وشمالا لطلب الغوث . وقال الحافظ العسقلاني : ويحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقا يذهب فيها ; لتحصل له النجاة من النار ، فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار . ( وينظر بين يديه ، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ) أي في محاذاته وعليها الصراط ( فاتقوا النار ) أي : إذا عرفتم ذلك فاحذروا منها ولا تظلموا أحدا ( ولو بشق تمرة ) : أو فتصدقوا ولو بشق تمرة ، أي : لو بمقدار نصفها أو ببعضها ، والمعنى ولو بشيء يسير منها أو من غيرها ; فإنه حجاب وحاجز بينكم وبين النار ; فإن الصدقة جنة ووسيلة إلى جنة . ( متفق عليه ) . وفي الجامع : " اتقوا النار ولو بشق تمرة " . رواه الشيخان ، والنسائي عن عدي بن حاتم ، وأحمد عن عائشة ، والبزار ، والطبراني في الأوسط ، والضياء عن أنس ، والبزار أيضا عن النعمان بن بشير ، وعن أبي هريرة ، والطبراني في الكبير ، عن ابن عباس ، وعن أبي أمامة . ورواه أحمد والشيخان عن عدي مرفوعا : " اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة " .

[ ص: 3525 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية