صفحة جزء
5568 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن حوضي أبعد من أيلة من عدن ، لهو أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه " . قالوا : يا رسول الله ! أتعرفنا يومئذ ؟ قال : " نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم ، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء " . رواه مسلم .


5568 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : إن حوضي ) أي : بعد ما بين طرفي حوضي ( أبعد من أيلة ) : بفتح فسكون تحتية ، أي : أزيد من بعد أيلة ، وهي بلدة على الساحل من آخر بلاد الشام مما يلي بحر اليمن ( من عدن ) : بفتحتين يصرف ولا يصرف ، وهو آخر بلاد اليمن مما يلي بحر الهند . قال الطيبي - رحمه الله : ( من ) الأولى متعلقة بأبعد ، والثانية متعلقة ببعد مقدر ، ثم التوفيق بين هذا الحديث وبين الخبر الآتي : ما بين

[ ص: 3537 ] عدن وعمان ، وهو بفتح المهملة وتشديد الميم ، اسم بلد بالشام وما بين صنعاء والمدينة ، ونحو ذلك بأن ذلك الإخبار على طريق التقريب لا على سبيل التحديد والتفاوت بين اختلاف أحوال السامعين في الإحاطة به علما . قال القاضي - رحمه الله : اختلاف الأحاديث في مقدار الحوض لأنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - قدره على سبيل التمثيل والتخمين ، لكل أحد على حسب ما رواه وعرفه . ( لهو ) : بضم الهاء ويسكن واللام للابتداء ، أي : لحوضي ( أشد بياضا من الثلج ) ، ولعله - صلى الله تعالى عليه وسلم - رأى الثلج في أرض الشام ( وأحلى ) أي : ألذ ( من العسل باللبن ) أي : المخلوط به ( ولآنيته ) : جمع إناء ، أي : ولظروفه من كيزانه وغيرها ( أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد ) أي : أدفع وأمنع ( الناس ) أي : المنافقين والمرتدين ( عنه ) أي : الحوض ( كما يصد الرجل ) أي : الراعي ( إبل الناس ) أي : الأجانب ( عن حوضه ) أي : صيانة عن المشاركة والمحافظة ( قالوا ) أي : بعض الصحابة ( أتعرفنا ) أي : تميزنا من غيرنا ( يومئذ ؟ قال : نعم لكم سيما ) : بالقصر وقد يمد وهو العلامة ، قال تعالى : سيماهم في وجوههم من آثر السجود ، ( ليست ) أي : تلك السيما ( لأحد من الأمم ) ; إذ المقصود التمييز بمنزلة العلم ( تردون ) : بكسر الراء من الورود أي : تمرون ( علي غرا ) : جمع الأغر ، وهو من في جبهته بياض ( محجلين ) : بتشديد الجيم المفتوحة جمع محجل ، وهو الذي في يديه ورجليه بياض ( من أثر الوضوء ) : بضم الواو أي استعماله ، وفي نسخة بالفتح ، أي : ماء الوضوء ، ونصبهما على الحال ، والظاهر أن المراد بالسيما ما ذكر من الوصفين ; فهما من مختصات هذه الأمة ، وإن كان الخلاف موجودا في كون الوضوء هل كان لسائر الأنبياء وأممهم أو لا ؟ وإنما كان لهذه الأمة . وقال بعضهم : وكان أيضا للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - دون أممهم ، وفي هذا فضيلة عظمى ومرتبة كبرى للأمة المرحومة . ( رواه مسلم ) . أي عن أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية