صفحة جزء
5618 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة ، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم ، يزدادون حسنا وجمالا ، فيرجعون إلى أهلهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا ، فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا . فيقولون : أنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا " . رواه مسلم .


5618 - ( وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : ( إن في الجنة لسوقا ) أي : مجمعا فيه الصور المشتهاة ( يأتونها ) أي : يحضر أهل الجنة تلك السوق ( كل جمعة ) ، بضمتين ويسكن الثاني . قال النووي - رحمه الله - : السوق مجمع لأهل الجنة يجتمعون فيها في كل مقدار جمعة أي أسبوع ، وليس هناك أسبوع حقيقة ؛ لفقد الشمس والليل والنهار . قلت : وإنما يعرف وقت الليل والنهار بإرخاء أستار الأنوار ورفعها على ما ورد في بعض الأخبار ، فبهذا يعرف يوم الجمعة وأيام الأعياد ، وما يترتب عليهما من الزيارة والرؤية وسائر الأمداد والإسعاد ، ففي الجامع : إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء في الجنة ، وذلك أنهم يرون الله تعالى في كل جمعة فيقول لهم : تمنوا علي ما شئتم ، فيلتفتون إلى العلماء فيقولون : ماذا نتمنى ؟ فيقولون : تمنوا عليه كذا وكذا ، فهم يحتاجون إليهم في الجنة كما يحتاجون إليهم في الدنيا . رواه ابن عساكر عن جابر ، هذا وتسمية يوم الجمعة بيوم المزيد في الجنة يدل على تمييزه عن سائر الأيام ، والله تعالى أعلم بالمرام . ( فتهب ) : بضم الهاء وتشديد الموحدة ، أي فتأتي ( ريح الشمال ) بفتح أوله من غير همز ، وخصت بالذكر لأنها من ريح المطر عند العرب ( فتحثو ) أي تنثر تلك الريح ، والمفعول محذوف أي المسك وأنواع الطيب ( في وجوههم ) أي أبدانهم ، وخصت الوجوه لشرفها ، أو المراد بها ذواتها ( وثيابهم ، فيزدادون ) أي في ثيابهم ( حسنا وجمالا ) جمع بينهما للتأكيد ، أو المراد بأحدهما الزينة ، وبالآخر حسن الصورة ، ( فيرجعون ) أي : من السوق ( إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا ) ، قيل : يكون زيادة حسنهم بقدر حسناتهم ، ( فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم ) أي : أنتم أيضا ، وفيه تغليب ؛ لكون الأهل أعم من النساء والولدان ، أو أريد به التعظيم والتكريم ، أو روعي المشاكلة والمقابلة ( بعدنا ) أي : بعد مفارقتكم عنا ( حسنا وجمالا ، فيقولون : أنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا ) وهو إما لإصابتهم من تلك الرياح ، أو بسبب انعكاس جمالهم ، أو لأجل تأثير حالهم وترقي مآلهم ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية