صفحة جزء
( 13 ) باب المستحاضة

الفصل الأول

557 - عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة أستحاض ، فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إنما ذلك عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ، ثم صلي " متفق عليه .


( 13 ) باب المستحاضة

الاستحاضة في الشرع : خروج الدم من رحم المرأة خارج أيام الحيض ومدته ، وحكمها أن لا تمنع صلاة وصوما ووطئا ونحوها خلافا لأحمد في الوطء .

الفصل الأول

557 - ( عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش ) : بضم حاء مهملة وفتح موحدة وياء ساكنة بعدها شين معجمة ، هو ابن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ( إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) : لتسأله عن أمر دينها ( فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة ) : بسكون الياء وتفتح ( أستحاض ) : بهمزة مضمومة وفتح تاء ، وهذه الكلمة ترد على بناء المفعول ; يقال : استحيضت المرأة فهي مستحاضة ; إذا استمر بها الدم بعد أيام حيضها أو نفاسها ( فلا أطهر ) : أي : مدة مديدة ( أفأدع الصلاة ؟ ) : بهمزة الاستفهام أي : أفأتركها ما دامت الاستحاضة معي ، ولو طالت المدة ؟ ( فقال : لا ) : أي : لا تدعيها ( إنما ذلك ) بكسر الكاف خطابا لها ، وتفتح على خطاب العام أي : الذي تشتكينه ( عرق ) : أي : دم عرق انشق وانفجر منه الدم ، أو إنما سببها عرق فمه في أدنى الرحم ( وليس ) : أي : ذلك الدم الذي نشأ من ذلك العرق ( بحيض ) : فإن دم الحيض دم تميزه القوة المولدة بإذن خالقها لأجل الجنين ، وتدفعه إلى الرحم في مجاريه ، ويجتمع فيه . ولذا سمي حيضا من قولهم : [ ص: 499 ] استحوض الماء إذا اجتمع ، فإذا كثر وامتلأ ولم يكن جنين أو كان أكثر مما يحتمله انصب منه ، وفي رواية : ليس بالحيضة ; لأنه يخرج من عرق في أقصى الرحم ، ثم يجتمع فيه ، ثم إن كان جنين تغذى به ولم يخرج منه شيء ، وإن لم يكن ثم جنين خرج في أوقات الصحة على ما استقر له من العادة غالبا ، وهذه من عرق في أدناه ( فإذا أقبلت حيضتك ) : بالكسر اسم للحيض ، ويؤيده رواية الفتح ، وقيل : المراد بها الحالة التي كانت تحيض فيها وهي تعرفها ، فيكون ردا إلى العادة ، وقيل : المراد بها الحالة التي تكون للحيض من قوة الدم في اللون والقوام ، ويؤيده حديث عروة الذي يتلوه ، وهي لم تعرف أيامها ، فيكون ردا إلى التمييز .

قال الطيبي : وقد اختلف العلماء فيه ، فأبو حنيفة منع اعتبار التمييز مطلقا ، والباقون عملوا بالتمييز في حق المبتدأة ، واختلفوا فيما إذا تعارضت العادة والتمييز ، فاعتبر مالك وأحمد وأكثر أصحابنا التمييز ولم ينظروا إلى العادة ، وعكس ابن خيران اهـ .

والفرقة الأولى يقولون : إن حديث عروة وهذا الحديث الذي تمسكنا به صحيح ، فالأخذ به أولى ، والله تعالى أعلم . أي : إذا كان أيام حيضتك ( فدعي الصلاة ) : أي : اتركيها ( وإذا أدبرت ) : أي : تولت حيضتك وجاوز دمك أيام عادتك ( فاغسلي عنك الدم ) أي : أثر دم الاستحاضة واغتسلي مرة واحدة ، ولعل الاكتفاء بغسل الدم دون غسل انقطاع الحيض ; لأنه معلوم من الدين ( ثم صلي ) : قال الشافعي : تغسل المستحاضة فرجها لكل صلاة مفروضة عند أبي حنيفة لوقت كل صلاة ، وتشده بعصابة وتتوضأ ، أو تستعجل في أدائها وهي معذورة في جريان الدم فيها ، كذا قاله ابن الملك ، وفي السراجية : لا يجب الاستنجاء على المستحاضة لوقت كل صلاة ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية