صفحة جزء
الفصل الثاني

5657 - عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية " ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة . رواه أحمد والترمذي .


الفصل الثاني

5657 - ( عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة ) أي أقلهم مرتبة ( لمن ينظر إلى جنانه ) بكسر الجيم أي بساتينه ( وأزواجه ) أي نسائه وحوره ( ونعيمه ) أي ما يتنعم به ( وخدمه ) أي من الولدان ( وسرره مسيرة ألف سنة ) أي حال كون جنانه وما عطف عليها كائنة في مسافة ألف سنة ، والمعنى أن ملكه مقدار تلك المسافة . قيل : هو كناية عن كون الناظر يملك في الجنة ما يكون مقداره مسيرة ألف سنة ؛ لأن الملكية في الجنة خلاف ما في الدنيا . وفي التركيب تقديم وتأخير ؛ إذ جعل الاسم وهو قوله : " لمن ينظر " خبرا ، أو الخبر وهو " أدنى منزلة " اسما ؛ اعتناء بشأن المقدم ، لأن المطلوب بيان ثواب أهل الجنة وسعتها ، وأن أدناهم منزلة من يكون ملكه كذا ، ونحوه قوله تعالى : إن خير من استأجرت القوي الأمين خبرا ( وأكرمهم ) بالنصب عطفا على أدنى ، وفي نسخة بالرفع عطفا على مجموع اسم إن وخبرها ، أي وأكثرهم كرامة ( على الله ) وأعلاهم منزلة وأقربهم رتبة عنده سبحانه ( من ينظر إلى وجهه ) أي ذاته ( غدوة ) بضم الغين ( وعشية ) أي صباحا ومساء ؛ ولهذا وصى بالمحافظة على صلاتي طرفي النهار كما مر ، أو المراد بهما أن يكون النظر دواما على أن الغدوة عبارة عن النهار والعشية عبارة عن الليل مجازا بذكر الجزء وإرادة الكل ، أو بذكر أول الشيء وإرادة تمامه ، لكن الأول أظهر ؛ لأنه لو كان النظر على وجه الدوام لما انتفعوا بسائر النعيم وقد خلقت لهم ، ومما يؤيده أيضا ما رواه الحاكم عن بريدة مرفوعا أن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين ، فيقرأ عليهم القرآن ، وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة - بالأعمال - فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك ، ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ، ثم ينصرفون إلى رجالهم وقرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد " .

( ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة أي ناعمة غضة حسنة ، والمراد بالوجوه الذوات ، أو خصت لشرفها ولظهور أثر النعمة عليها إلى ربها ناظرة : قال الطيبي - رحمه الله - : قدم صلة " ناظرة " إما لرعاية الفاصلة وهي ناضرة باسرة فاقرة ، وإما لأن الناظر يستغرق عند رفع الحجاب بحيث لا يلتفت إلى ما سواه ، وكيف يستبعد هذا والعارفون في الدنيا ربما استغرقوا في بحار الحب بحيث لم يلتفتوا إلى الكون ؟ ويعضده حديث جابر في آخر الفصل الثالث ، فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه . ( رواه أحمد والترمذي ) وكذا الطبراني ، وروى هناد في الزهد ، عن عبيد بن عمير مرسلا : إن أدنى أهل الجنة منزلا لرجل له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها .

التالي السابق


الخدمات العلمية