صفحة جزء
الفصل الثاني

558 - عن عروة بن الزبير ، عن فاطمة بنت أبي جبيش رضي الله عنها ، أنها كانت تستحاض ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك ، فأمسكي عن الصلاة ; فإذا كان الآخر ، فتوضئي وصلي ، فإنما هو عرق " . رواه أبو داود ، والنسائي .


الفصل الثاني

558 - ( عن عروة بن الزبير ) : أي : ابن العوام من كبار التابعين ، وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة ( عن فاطمة بنت أبي حبيش ، أنها كانت تستحاض ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كان دم الحيض " : بالرفع فكان تامة ( فإنه ) : أي : الحيض أو دمه ( دم أسود ) : وذلك باعتبار الأغلب ، وإلا فقد يكون أحمر وغيره ( يعرف ) : قيل بالفوقانية على الخطاب ، والصواب أنه بالتحتانية على المجهول ، إذ لو أريد الخطاب لقيل : تعرفين على خطاب المؤنث ، أي : تعرفه النساء فإن المستحاضة إذا كانت ذات تمييز بأن ترى في بعض الأيام دما أسود ، وفي بعضها دما أحمر أو أصفر ، فدم الأسود حيض بشرط أن لا ينقص عن يوم وليلة ، ولا يزيد على خمسة عشر يوما ، كذا حرره الشافعي على مقتضى مذهبهم ، وعندنا على فرض صحة الحديث هو محمول على ما إذا وافق التمييز العادة ( فإذا كان ذلك ) بكسر الكاف أي : دم الحيض أعاده لطول الفصل كما في قوله تعالى : ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم الآية . وقوله : فإنه دم أسود استئناف مبين متفرع على كون الدم دم الحيض ، ولا يصلح ) أن يكون تعليلا للجواب المذكور ، أو المقدر كما قرره ابن حجر فتدبر . ( فأمسكي عن الصلاة ) : من الإمساك أي : اتركيها ( فإذا كان الآخر ) : أي : الاستحاضة بأن كان دما أحمر أو أصفر ( فتوضئي ) : أي : بعد الغسل لكل صلاة مفروضة ( وصلي ) : وفي نسخة العفيف : ثم صلي ، وهو ينافي مذهب الشافعي من أن المستحاضة ونحوها يلزمها الموالاة بين الوضوء والصلاة .

[ ص: 500 ] ( فإنما هو ) : أي : دم الاستحاضة ( عرق ) : أي : يخرج من عرق في فم الرحم ، فليس فيه قذارة الحيض فلم تمنع الصلاة منه . ( رواه أبو داود ، والنسائي ) .

قال ابن الهمام في شرح الهداية : روى ابن ماجه بسنده إلى عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، اجتنبي الصلاة أيام محيضك ، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة ، ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير " وأخرجه أبو داود ، وفي سنديهما حبيب بن أبي ثابت ، عن عروة المزني ، عن عائشة ، وفسره ابن ماجه ، بأنه عروة بن الزبير ، ذكر أبو القاسم بن عساكر هذا الحديث في ترجمة عروة المزني ، عن عائشة ، ولم يذكره في ترجمة عروة بن الزبير عنها . وقال أبو داود : ضعف يحيى هذا الحديث ، وقال ابن المديني : حبيب بن أبي ثابت لم ير عروة بن الزبير ، وهو في البخاري من حديث ابن معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، وليس فيه زيادة : وإن قطر الدم على الحصير اهـ . فقول ابن حجر : " سنده صحيح " غير صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية