صفحة جزء
5707 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " بينا أيوب يغتسل عريانا ، فخر عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب يحثي في ثوبه ، فناداه ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى وعزتك ، ولكن لا غنى عن بركتك . رواه البخاري .


5707 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " بينا أيوب يغتسل عريانا ) ، يحتمل أن يكون لابسا للإزار كما يدل عليه قوله الآتي : يحثي في ثوبه ، ويحتمل أن يكون متجردا عن الثياب كلها على طبق ما سبق لموسى عليهما الصلاة والسلام ، وكان جائزا عندهما ، لكنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أشار إلى أن التستر أولى حياء من المولى ، بناء على أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - بعث ليتم مكارم الأخلاق ، ( فخر ) : بالخاء المعجمة والراء المشددة ، أي : فسقط ونزل ( عليه ) أي : فوقه " أطرافه " ( جراد ) أي : جنس جراد ( من ذهب ، فجعل أيوب يحثي ) أي : يضعه ( في ثوبه ) : كذا في النهاية ، والأظهر أنه يأخذ بكفه أو كفيه ، ويضع في ثوبه المتصل به وهو الإزار اللابس له قبل الغسل أو بعده ، أو المنفصل الذي ما لبسه بعد ، وفي المصابيح : يحثي في ثوبه . قال شارح له أي يجمعه في ذيله ويضم طرف الذيل إلى نفسه ، ( فناداه ربه ) أي : نداء تلطف ( يا أيوب ألم أكن أغنيتك ) أي : جعلتك ذا غنى ( عما ترى ؟ قال : بلى وعزتك ) ، قال الطيبي - رحمه الله : هذا ليس بعتاب منه تعالى إن الإنسان وإن كان مثريا لا يشبع بثراه ، بل يريد المزيد عليه ، بل من قبيل التلطف والامتحان بأنه هل يشكر على ما أنعم عليه ، فيزيد في الشكر ، وإليه الإشارة بقوله : ( ولكن لا غنى ) : بكسر ففتح مقصورا أي لا استغناء ( بي عن بركتك ) . أي عن كثرة نعمتك ، وزيادة رحمتك . وفي رواية : من يشبع من رحمتك أو من فضلك ، وفيه جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه الشكر عليه ، ويصرفه فيما يحب ربه ويرضاه ، ويتوجه الأمر إليه ، وفي تسمية المال من جهة الحلال بركة في المال وحسن الحلال . قال الطيبي - رحمه الله : ونحوه قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - لعمر رضي الله تعالى عنه جوابا عن قوله : أعطه أفقر إليه مني : " ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ، وما لا فلا تتبعه نفسك " . ( رواه البخاري ) .

[ ص: 3644 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية