صفحة جزء
5710 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما ينبغي لعبد أن يقول : إني خير من يونس بن متى " . متفق عليه .

وفي رواية البخاري قال : " قال : أنا خير من يونس بن متى فقد كذب " .


5710 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ما ينبغي لعبد أن يقول : إني ) أي : ويعني نفسه أو نفسي ( " خير من يونس بن متى " ) أي : فضلا عن غيري ( متفق عليه ) .

( وفي رواية للبخاري قال : " من قال : أنا خير " ) أي : في النبوة ( " من يونس بن متى لقد كذب " ) : لأن الأنبياء كلهم متساوون في مرتبة النبوة ، وإنما التفاضل باعتبار الدرجات ، وخص يونس بالذكر لأن الله تعالى وصفه بأوصاف توهم انحطاط رتبته حيث قال : فظن أن لن نقدر عليه ) إذ أبق إلى الفلك المشحون فلفظ : " أنا " واقع موقع " هو " ، ويكون راجعا إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ويحتمل أن يكون المراد به نفس القائل ، فحينئذ كذب بمعنى كفر ، كنى به عن الكفر ، لأن هذا الكذب مساو للكفر .

[ ص: 3646 ] قال النووي - رحمه الله : قيل ضمير المتكلم يعود إلى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وقيل : يعود إلى كل قائل أي : لا يقوله بعض الجاهلين من المجتهدين في العبادة ، أو العلم ، أو غير ذلك من الفضائل ، فإنه لو بلغ ما بلغ إلا أنه لم يبلغ درجة النبوة ، ويؤيده الرواية الأولى : ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى . أقول : في تأييدها نظر لتحقق الاحتمالين فيه أيضا ، بل المعنى الثاني أظهر منها حيث قال : ما ينبغي لعبد بطريق العموم المشير إلى أنه حديث قدسي على ما ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية مسلم عن أبي هريرة : قال الله تعالى : لا ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى .

قال الخطابي : وإنما خص يونس بالذكر لأن الله تعالى لم يذكره في جملة أولي العزم من الرسل ، وقال : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم فقصر به عن مراتب أولي العزم والصبر من الرسل ، يقول - صلى الله تعالى عليه وسلم : إذا لم آذن لكم أن تفضلوني على يونس بن متى ، فلا يجوز لكم أن تفضلوني على غيره من ذوي العزم من أجلة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم . وهذا منه عليه الصلاة والسلام على سبيل التواضع والهضم من النفس ، وليس ذلك بمخالف لقوله : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " لأنه لم يقل ذلك مفتخرا ولا متطاولا به على الخلق ، وإنما قال ذلك ذكرا للنعمة ومصرفا بالمنة ، وأراد بالسيادة ما يكرم به في القيامة من الشفاعة ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية