صفحة جزء
5747 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة . متفق عليه .


5747 - ( وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا أي : من الخصائل والفضائل ( لم يعطهن أحد قبلي ) أي : من الأنبياء فمن المحال أن يعطى أحد بعده من الأولياء ( نصرت ) أي : نصرني ربي على أعدائي ( بالرعب ) : بضم فسكون وبضمتين أي بخوف العدو مني ( مسيرة ) أي : في قدر مسيرة .

[ ص: 3675 ] شهر بيني وبينه من قدام أو وراء ، وفي شرح الطيبي الرعب الفزع والخوف ، وقد أوقع الله تعالى في قلوب أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - الخوف منه ، فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهر هابوا وفزعوا منه ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) : في شرح السنة : أراد أن أهل الكتاب لم تبح لهم الصلاة إلا في بيعهم وكنائسهم ، وأباح الله عز وجل لهذه الأمة الصلاة حيث كانوا تخفيفا عليهم وتيسيرا ، ثم خص من جميع المواضع : الحمام والمقبرة والمكان النجس ، وقوله طهورا أراد به التيمم اه . وفي الحمام والمقبرة تفصيل قدمناه ، وقيل : معناه أنهم كانوا لا يصلون إلا فيما تيقنوا طهارته من الأرض ، وخصصنا بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا فيما تيقنا نجاسته ، ثم صرح بعموم هذا الحكم وفرع على ما قبله بقوله : ( فأيما رجل ) أي : شخص ( من أمتي أدركته الصلاة ) أي : وجبت عليه ودخل وقتها في أي موضع ( فليصل ) أي : في ذلك الموضع بشروطه المعتبرة في صحة الصلاة ( وأحلت لي المغانم ) أي : الغنائم وهي الأموال المأخوذة من الكفار ( ولم تحل ) : وفي نسخة : بصيغة المجهول أي : لم تبح الغنائم ( لأحد قبلي ) أي : من الأنبياء ، بل غنائمهم توضع فتأتي نار تحرقها ، هكذا أطلقه بعض الشراح - من علمائنا ، وقال ابن الملك أي : من قبلنا من الأمم إذا غنموا الحيوانات يكون ملكا للغانمين دون الأنبياء ، فخص نبينا - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الخمس والصفي ، وإذا غنموا الحيوانات غيرها جمعوه فتأتي نار فتحرقه . أقول : ولعل الحكمة في إحراق الغنيمة تحصيل تحسين النية وتزيين الطوية في مرتبة الإخلاص في الجهاد والله أعلم بالعباد ورءوف بالعباد . ( وأعطيت الشفاعة ) : ال فيه للعهد أي : الشفاعة العامة للإراحة من المحشر المعبر عنها بالمقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون ( وكان النبي ) أي : اللام فيه للاستغراق أي : وكان كل نبي من قبلي ( يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس ) أي : إلى أقوام مختلفة منهم غير مختص بقوم من العرب ( عامة ) أي : شاملة للعرب والعجم .

قال الطيبي : التعريف في النبي لاستغراق الجنس ، وهو أشمل من لو جمع لما تقرر في علم المعاني أن استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع ، لأن الجنسية في المفرد قائمة في وجدانه فلا يخرج منه شيء . وفي الجامع فيما فيه الجنسية من المجموع ، فيخرج منه واحد أو اثنان على الخلاف في أن أقل الجمع اثنان أو ثلاثة اه . وقيل : اللام فيه للجنس عند النحويين وللعهد عند الأصوليين ، وهو لبيان الماهية المتعلقة بالذهبي لا لتعيين الذات وتلك الماهية هي النبوة . ( متفق عليه ) : ورواه النسائي وفي رواية أحمد عن علي كرم الله وجهه : أعطيت ما لم يعطه أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب ، وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل لي التراب طهورا ، وجعلت أمتي خير الأمم . وروى الحارث وابن مردويه عن أنس ، ولفظه : أعطيت ثلاث خصال : أعطيت صلاة في الصفوف ، وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة ، وأعطيت آمين ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هارون فإن موسى كان يدعو ويؤمن هارون .

التالي السابق


الخدمات العلمية