صفحة جزء
5748 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون . رواه مسلم .


5748 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضلت على الأنبياء بست ) : قال التوربشتي : وفي حديث جابر بخمس ، وليس هذا باختلاف تضاد ، وإنما هو اختلاف زمان يكون فيه حديث الخمس متقدما ، وذلك أنه أعطيها فحدث به ، ثم زيد له السادسة فأخبر عن ست . قال ابن الملك ، فإن قلت : هذا إنما يتم لو ثبت تأخر الدال على الزيادة . قلت : إن ثبت فلا كلام ، وإلا فيحمل على أنه إخبار عن زيادتها في المستقبل عبر عنه بالماضي تحقيقا لوقوعه اه .

وقال صاحب الخلاصة : ويجوز أن يكون ذكر الخمس أو الست لمناسبة المقام ، وحينئذ جاز أن يكون سبعا كما إذا ضمت الشفاعة إلى هذه الست . قلت : ويجوز أن تكون زائدة على السبع لما سيأتي ، ولما تقدم والله أعلم .

( أعطيت جوامع الكلم ) أي : قوة إيجاز في اللفظ مع بسط في المعنى فأبين بالكلمات اليسيرة المعاني الكثيرة ، وقد جمعت أربعين حديثا من الجوامع الواردة على الكلمتين اللتين هما أقل مما يتصور منه تركب الكلام ، ويتأتى منه

[ ص: 3676 ] إسناد المراد نحو قوله عليه السلام : العدة دين والمستشار مؤتمن ولا تغضب وأمثال ذلك ، وقد روى أبو يعلى في مسنده عن عمر رضي الله عنه : أعطيت جوامع الكلم ، واختصر لي الكلام اختصارا . وفي شرح السنة قيل : جوامع الكلم هي القرآن ، جمع الله سبحانه بلفظه معاني كثيرة في ألفاظ يسيرة وقيل : إيجاز الكلام في إشباع من المعنى ، فالكلمة القليلة الحروف منها تتضمن كثيرا من المعاني ، وأنواعا من الكلام ( ونصرت بالرعب ) : أطلقه هنا وقيد غايته فيما سبق بمسيرة شهر ( وأحلت لي ) أي : لأجلي على أمتي ( الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ) أي : إلى الموجودات بأسرها عامة من الجن والإنس الملك والحيوانات والجمادات ، كما بينته في الصلوات العلية على الصلوات المحمدية . قال الطيبي : يجوز أن يكون كافة مصدرا أي : أرسلت رسالة عامة لهم محيطا بهم ، لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد ، وأن يكون حالا إما من الفاعل ، والتاء على هذا للمبالغة كتاء الرواية والعلامة ، وإما من المجرور أي مجموعين ( وختم بي النبيون ) أي : وجودهم ، فلا يحدث بعدي نبي ، ولا يشكل بنزول عيسى عليه السلام ، وترويج دين نبينا - صلى الله عليه وسلم - على أتم النظام وكفى به شهيدا شرفا ، وناهيك به فضلا عن سائر الأنام .

قال الطيبي : أغلق باب الوحي وقطع طريق الرسالة وسد وأخبر باستغناء الناس عن الرسل وإظهار الدعوة بعد تصحيح الحجة وتكميل الدين ، كما قال تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأما باب الإلهام فلا ينسد وهو مدد يعين النفوس الكاملة ، فلا ينقطع لدوام ضرورة حاجتها إلى تأكيد وتجريد وتذكير ، وكما أن الناس استغنوا عن الرسالة والدعوة احتاجوا إلى التذكير والتنبيه لاستغراقهم في الوساوس ، وانهماكهم في الشهوات ، فالله تعالى أغلق باب الوحي بحكمته ، وفتح باب الإلهام برحمته لطفا منه بعباده . ( رواه مسلم ) : وكذا الترمذي . وفي رواية الطبراني ، عن السائب بن يزيد : فضلت عن الأنبياء بخمس : بعثت إلى الناس كافة ، وادخرت شفاعتي لأمتي ، ونصرت بالرعب شهرا أمامي وشهرا خلفي ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي . وفي رواية البيهقي عن أبي أمامة : فضلت بأربع : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسلت إلى الناس كافة ، ونصرت بالرعب من مسيرة شهرين يسير بين يدي وأحلت لي الغنائم . وفي رواية الطبراني عن أبي الدرداء : فضلت بأربع : جعلت أنا وأمتي في الصلاة كما تصف الملائكة ، وجعل الصعيد لي وضوءا ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم فبعض الأحاديث وإن دل بمنطوقه على أنه - صلى الله عليه وسلم - مخصوص من عند الله ، تعالى بفضائل معدودة ، لكن لا يدل مفهومه على حصر فضائله فيها فإن فضائله غير منحصرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية