صفحة جزء
566 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : إن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل : يا رسول الله ، ألي هذا ؟ قال : " لجميع أمتي كلهم " وفي رواية : " لمن عمل بها من أمتي . متفق عليه .


566 - ( وعن ابن مسعود قال : إن رجلا أصاب من امرأة ) : حال من قوله : ( قبلة ) : قال الطيبي : هو أبو اليسر بفتحتين ، روى الترمذي عنه أنه قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا ، أي : تشتريه ، فقلت : إن في البيت تمرا أطيب منه ، فدخلت معي في البيت فأهويت فقبلتها . اهـ .

قلت : هذا شأمة الخلوة بالأجنبية والأجنبي . قال ابن الملك : فقالت : اتق الله ، فندم ( فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ) : عملا بقوله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك الآية : ( فأخبره ) أي : بالواقعة . قال ابن الملك : فقال عليه الصلاة والسلام : فانتظر أمر ربي ، فصلى العصر ( فأنزل الله تعالى ) . قال الطيبي : الفاء في " فأنزل " عطف على مقدر ، أي : فأخبره ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى الرجل ، فأنزل الله - يدل عليه الحديث الآتي - " وأقم الصلاة طرفي النهار " : قيل : صلاة الفجر والظهر طرف ، وصلاة العصر والمغرب طرف ، وجعل المغرب فيه تغليب أو من مجاز المجاورة ، وكذا جعل الظاهر طرفا لا يخلو عن مجاز " وزلفا " : أي : ساعات " من الليل " : صلاة العشاء ، وقيل : طرفي النهار الغدوة والعشي : فالفجر صلاة [ ص: 508 ] الغدوة ، والظهر والعصر صلاة العشي ; لأن ما بعد الزوال عشاء " وزلفا من الليل " صلاة العشاء على الأول ، والمغرب والعشاء على الثاني ، وهو الأظهر ، وبه فسره الأكثرون ، والزلفة : قطعة من الليل ، كذا قالوا يعني : قريبة من النهار . قال تعالى : وإذا الجنة أزلفت " إن الحسنات " أي : كالصلوات ; فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " يذهبن " : أي : يكفرن " السيئات " : أي : الصغائر ، لما ورد من القبلة والخلوة ، ولما تقدم من إجماع الأمة . ( فقال الرجل ) : أي : السائل ( يا رسول الله ، ألي ) : أي : بسكون الياء وتفتح ( هذا ؟ ) قال الطيبي : هذا : مبتدأ ، ولي : خبره ، والهمزة حرف الاستفهام لإرادة التخصيص أي : مختص لي هذا الحكم ، أو عام لجميع المسلمين ؟ ( قال : " لجميع أمتي كلهم " ) : تأكيد بعد تأكيد ; ليشمل الموجودين والمعدومين ، أي : هذا لهم وأنت منهم ، قاله الطيبي : والمبهم أولى كما لا يخفى ( وفي رواية ) : أي : للشيخين ، عن ابن مسعود أيضا ، كما أفاده تأخير المصنف ، قوله : متفق عليه إلى ما بعدها ( لمن عمل بها ) : أي : بهذه الآية ، بأن فعل حسنة بعد سيئة ، وهذا القيد مراد في الرواية الأولى ; لأن إسناد الإذهاب للحسنات يقتضي وجودها ( من أمتي ) : وظاهره أنه من خصوصيات هذه الأمة المرحومة ببركة الرحمن ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية