صفحة جزء
الفصل الأول

5776 - عن جبير بن مطعم ، رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي . متفق عليه .


الفصل الأول

5776 - ( عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول " إن لي أسماء " ) أي كثيرة عظيمة شهيرة ( " أنا محمد " ) ، فقيل : هو اسم مفعول من التحميد ، وهو المبالغة في الحمد ، يقال : حمدت فلانا أحمده إذا أثنيت عليه بجلائل خصاله ، وأحمدته إذا وجدته محمودا ، أو يقال : هذا الرجل محمود ، فإذا بلغ النهاية في ذلك وتكاملت فيه المحاسن والمناقب ، فهو محمد . قال الأعشى يمدح بعض الملوك :


إلى الماجد الفرع الجواد المحمد

أراد الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة ، وهذا البناء أبدا يدل على بلوغ النهاية ، كما تقول في الحمد محمد ، وفي الذم مذمم ، وقيل : هذا البناء للتكثير نحو : فتحت الباب فهو مفتوح إذا فعلت به ذلك مرة بعد أخرى ، ومحمد اسم منقول على سبيل التفاؤل أنه سيكثر حمده ، أقول : وقد كان في الظاهر ما أضمر في الباقي ، وسيحمده الأولون والآخرون في المقام المحمود تحت اللواء الممدود ( " وأنا أحمد " ) أفعل تفضيل من الحمد قطع متعلقه للمبالغة أي أحمد من كل حامد ، أو محمود بناء على أنه للفاعل أو المفعول ، والأول أظهر لئلا يتكرر ، ولأنه تعالى يلهمه المحامد يوم القيامة لم يلهمها أحدا من الأولين ، والآخرين ، فهو جامع بين الحامدية والمحمودية كما جمع له بين المحبة والمحبوبية والمريدية ، وقد أشرت إلى بعض النكات الصوفية مما هو من المشارب الصفية في رسالتي المسماة بالصلوات العلوية على الصلوات المحمدية ، هذا وقال ابن الجوزي في الوفاء ، قال ابن قتيبة : ومن أعلام نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يسم قبله أحد باسمه صيانة من الله تعالى لهذا الاسم ، كما فعل بيحيى إذ لم يجعل له من قبل سميا ، وذلك أنه تعالى سماه في الكتب المتقدمة ، وبشر به الأنبياء ، فلو جعل الاسم مشتركا به شاعت الدواعي ، ووقعت الشبهة إلا أنه لما قرب زمنه ، وبشر أهل الكتاب بقربه سموا أولادهم بذلك ، ( " وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر " ) ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعث والدنيا مظلمة بغيابة الكفر ، فأتى - صلى الله عليه وسلم - بالنور الساطع حتى محا الكفر . قال النووي : ويحتمل أن يراد به الظهور بالحجة والغلبة ، كما قال تعالى : ليظهره على الدين كله وجاء في حديث آخر مفسرا بالذي محيت به سيئات من تبعه ، كما قال تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " وأنا الحاشر " ) أي ذو الحشر ( " الذي يحشر ) أي يجمع ( " الناس على قدمي " ) بفتح الميم وتشديد الياء ، وفي نسخة بالكسر والتخفيف أي على أثري قال النووي : ضبطوه بتخفيف الياء على الإفراد وتشديدها على التثنية . قال الطيبي . والظاهر على قدميه اعتبارا للموصول إلا أنه يعتبر المعنى المدلول للفظة أنا ، وفي شرح السنة أي يحشر أول الناس لقوله : " أنا أول من تنشق عنه الأرض " . وقال النووي أي على أثري وزمان نبوتي ، وليس بعدي نبي . قال الطيبي : هو من الإسناد المجازي لأنه سبب في حشر الناس ، لأن الناس لم يحشروا ما لم يحشر ( " وأنا العاقب " والعاقب الذي ليس بعده نبي ) الظاهر أن هذا تفسير للصحابي أو من بعده ، وفي شرح مسلم قال ابن الأعرابي : العاقب الذي يخلف في الخير من كان قبله ، ومنه يقال : عقب الرجل لولده ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية