صفحة جزء
5779 - وعن جابر بن سمرة ، رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا ادهن لم يتبين ، وإذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية ، فقال رجل : وجهه مثل السيف ؟ قال : لا بل كان مثل الشمس والقمر ، وكان مستديرا ، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده ، رواه مسلم .


5779 - ( وعن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط ) : بكسر الميم أي : شاب ( مقدم رأسه ولحيته ) : ففي المغرب شمط بالكسر إذا ابيض شعر رأسه يخالط سواده ، والوصف أشمط ، وبالفارسية دوموي ، فالمعنى ظهر الشيب في شعر رأسه ولحيته ( وكان ) أي : هو أو شيبه ( إذا ادهن ) : بتشديد الدال أي : استعمل الدهن ( لم يتبين ) ، أي : لم يظهر الشيب ( وإذا شعث ) : بكسر العين أي : تفرق ( رأسه ) أي : شعره تبين ) ، أي : ظهر بعض الشيب قال الطيبي : دل هذا على أنه عند الادهان يجمع شعر رأسه ويضم بعضه إلى بعض ، وكانت الشعيرات البيض من قلتها لا تتبين ، فإذا شعث رأسه تبين . أقول : والأظهر أن شعث الرأس كناية عن عدم الادهان ، ويدل عليه ما رواه الترمذي عن جابر بن سمرة أيضا ، سئل عن شيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كان إذا ادهن رأسه لم ير منه شيب ، فإن لم يدهن رئي منه ، وقد روى الترمذي عن ابن عمر قال : إنما كان شيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحوا من عشرين شعرة بيضاء . ( وكان كثير شعر اللحية ) ، أي : كثيفها لا خفيفها ، والمراد أنه لم يكن كوسجا ( فقال رجل : وجهه مثل السيف ) ؟ يعني في البريق واللمعان ، لكن لما كان يوهم الطول أيضا ( قال ) أي : جابر ( لا بل كان ) أي : وجهه ( مثل الشمس والقمر ) ، أي : في قوة الضياء وكثرة النور ، ويمكن أن يكون الاستفهام مقدرا ، فالتقدير : وجهه مثل السيف ؟ فقال : لا ، إلخ . ثم قال تتميما للمبنى وتعميما للمعنى ( وكان ) أي : وجهه ( مستديرا ) أي : مائلا إلى التدوير ، إذ ورد في شمائله أنه لم يكن مكلثم الوجه . قال الطيبي : رواه الراوي ردا بليغا حيث شبهه بالسيف الصقيل ، ولما لم يكن الوجه شاملا للطرفين ، قاصرا عن تمام المراد من الاستدارة والإشراق الكامل والملاحة . قال : لا بل كان مثل الشمس في نهاية الإشراق والقمر في الحسن والملاحة ، ولما لم يفهم منه الاستدارة عرفا قال : وكان مستديرا بيانا للمراد فيهما . ( ورأيت الخاتم ) : بفتح التاء ويكسر ؟ ، خاتم النبوة ( عند كتفه مثل بيضة الحمامة ) أي : مدورا ( يشبه ) أي : لونه ( جسده ) . أي : لون سائر أعضائه ، والمعنى لم يخالف لونه بشرته ، وفيه نفي البرص ( رواه مسلم ) . وفي الجامع : مكان خاتم النبوة في ظهره ، بضعة ناشزة أي : قطعة لحم مرتفعة عن الجسم . رواه الترمذي في الشمائل عن أبي سعيد . وفي رواية للترمذي عن جابر بن سمرة : كان خاتمه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة ، وقد جمعت غالب طرق ألفاظ الحديث ، وبينت مبانيه ، وأوضحت معانيه في شرح الشمائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية