صفحة جزء
5781 - وعن أم خالد بنت خالد بن سعيد ، رضي الله عنها ، قالت : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة ، فقال : ( ائتوني بأم خالد ) فأتي بها تحمل ، فأخذ الخميصة بيده ، فألبسها . قال : ( أبلي وأخلقي ، ثم أبلي وأخلقي ) وكان فيها علم أخضر أو أصفر . فقال : ( يا أم خالد هذا سناه ) وهي بالحبشة : حسنة . قالت : فذهبت ألعب بخاتم النبوة ، فزبرني أبي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( دعها ) : رواه البخاري .


5781 - ( وعن أم خالد بنت خالد بن سعيد ) ، قيل : أسلم بعد أبي بكر فهو ثالث أو رابع في الإسلام . قال المؤلف : هو ابن العاص الأموية وهي مشهورة بكنيتها ، ولدت بأرض الحبشة ، وقدم بها إلى المدينة وهي صغيرة ، ثم تزوجها الزبير بن العوام ، روى عنها نفر . ( قالت : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم ) أي : جيء ( بثياب فيها خميصة ) أي : في جملتها كساء أسود مربع له علمان ذكره المظهر فقوله : ( سوداء ) : تأكيد أو تجريد ( صغيرة ، فقال : ائتوني بأم خالد ) أي : بأم خالد ( تحمل ) ، حال من الضمير في بها أي : محمولة لأنها طفل ( فأخذ الخميصة بيده ، فألبسها ) . لا يخفى ما فيه وفيما قبله من النقل بالمعنى أو الالتفات في المبنى ( قال ) : استئناف بيان ( أبلي ) : أمر مخاطبة لها من الإبلاء وهو جعل الثوب خلقا ( وأخلقي ) : من الإخلاق بمعناه ، وجمع بينهما للتأكيد ، والمراد بهما الدعاء فقوله : ( ثم أبلي وأخلقي ) : زيادة مبالغة في الدعاء لها بطول عمرها ، ثم اعلم أن أخلقي بالقاف في النسخ المصححة . وروي بالفاء فهو تأسيس لا تأكيد لفظا ، وإن كان يئول إليه معنى أي : وأخلفي ثوبا بعد ثوب ، فإن الإخلاف غالبا لا يكون إلا بعد الإخلاق ، ويؤيده ما رواه أبو داود ، أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى على صاحبه ثوبا جديدا قال له : تبلي ويخلف الله . وفي الحصن : أبل وأخلق ثم أبل وأخلق ثم أبل وأخلق ، فذكره بصيغة الإفراد ثلاث مرات ، ولعله نقل بالمعنى ، أو وقع خطابه - صلى الله عليه وسلم - لأحد من أصحابه غيرها بهذا الدعاء ثلاث مرات ، والله أعلم .

( وكان فيها ) أي : في الخميصة ( علم أخضر أو أصفر فقال : " يا أم خالد هذا " ) أي : العلم أو هذا الثوب ( ( سناه ) ) أي : حسن وهو بفتح السين المهملة فنون فألف فهاء السكت ، وفي نسخة السين ، وروي : سنه بلا ألف ونون خفيفة ، وروي بنون مشددة ، وهي بفتح أوله عند الجميع إلا الفارسي فإنه يكسرها ( وهي ) أي : كلمة سناه ( بالحبشية ) أي : بلغة الحبشة ( حسنة ) . أنثها باعتبار تأنيث مبتدئه ، وهو هي ، وهو من كلام أم خالد أو تفسير من غيرها . ( قالت : فذهبت ألعب بخاتم النبوة ، فزبرني أبي ) ، أي : صاح علي وزجرني وهددني ونهاني عن ذلك ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : دعها ) . أي : لتتبرك بالخاتم أيضا ، كما تبركت بإلباس الخلعة الشريفة ، وهذا يدل على كمال حلمه وكرمه وحسن عشرته مع صحابته ، وقد أشار الشيخ الصمداني شهاب الدين السهروردي قدس سره في عوارفه إلى أن استناد المشايخ الصوفية في لبس الخرقة بهذا الحديث . أقول : ولعله أراد إلباس خرقة التبرك دون إلباس خرقة الإجازة . ( رواه البخاري ) : وكذا أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية