صفحة جزء
[ ص: 3700 ] 5782 - وعن أنس ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، وليس بالأبيض الأمهق ، ولا بالآدم ، وليس بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، بعثه الله على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وفي رواية يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كان ربعة من القوم ، ليس بالطويل ، ولا بالقصير ، أزهر اللون . وقال : كان شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أنصاف أذنيه ، وفي رواية : بين أذنيه وعاتقه . متفق عليه .

وفي رواية للبخاري ، قال كان ضخم الرأس والقدمين ، لم أر بعده ولا قبله مثله ، وكان سبط الكفين وفي أخرى له ، قال : كان شثن القدمين والكفين .


5782 - ( وعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله ليس بالطويل البائن ) ، أي : الباعد عن حد الاعتدال ، والمفرط طولا الذي يعد من قدر الرجال الطوال ، أو الظاهر البين طوله من بان إذا بعد أو ظهر ( ولا بالقصير ) ، أي : المتردد كما في رواية ، والحاصل أنه كان معتدل القامة ، لكن إلى الطول أميل ، فإن النفي انصب إلى قيد وصف البائن ، فثبت أصل الطول ونوع منه ، فهو بالنسبة إلى الطول البائن قصير ، ولذا قيد نفي القصير بالمتردد ، ويؤيده أنه جاء في رواية أنه ربعة إلى الطول ، وهذا إنما هو في حد ذاته ، وإلا فما ماشاه طويل إلا غلبه - صلى الله عليه وسلم - في الطول ، ( وليس بالأبيض الأمهق ) ، أي : الذي بياضه خالص لا يشوبه حمرة ولا غيرها ، كلون الثلج والبرص واللبن ، فالمراد أنه كان نير البياض ، وقد جاء في رواية أنه كان بياضه مشوبا بالحمرة ، وهو أحسن أنواع الألوان المستحسنة عند الطباع الموزونة ، وهذا معنى قوله : ( ولا بالآدم ) ، أي : الشديد السمرة ( وليس بالجعد القطط ) ، بفتحتين وتكسر الثانية أي : الشديد الجعودة كشعور الحبش ( ولا بالسبط ) ، بكسر الموحدة وفتحها وسكونها ، وهو من السبوطة ضد الجعودة وهو الشعر المنبسط المسترسل كما في غالب شعور الأعاجم ، ففي القاموس : السبط ويحرك وككتف نقيض الجعودة ، فالمعنى أن شعره - صلى الله عليه وسلم - كان وسطا بينهما ( بعثه الله على رأس أربعين سنة ) : المشهور أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث بعد استكمال أربعين سنة ، فالمراد بالرأس آخر السنة كما في قول القراء والمفسرين من أن رءوس الآي أواخرها سواء أريد بلفظ الأربعين السنة التي تنضم إلى تسعة وثلاثين ، أو مجموع السنين من أول الولادة إلى استكمال أربعين سنة ، هذا وقال صاحب جامع الأصول : أن الصحيح عند أهل العلم بالأثر أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة " . ( فأقام بمكة عشر سنين ) ، أي : على خلاف في ثلاث ، وإلا فالصحيح أن عمره - صلى الله عليه وسلم - ثلاث وستون ، فمن قال ستين ألغى الكسر ، ومن قال خمسا وستين أدخل سنة الولادة والوفاة ، ثم العشر بسكون الشين ، وأما ما ضبط في بعض النسخ المصححة بفتحها أيضا فغير معروف . ( وبالمدينة عشر سنين ، وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس ) أي : والحال أنه لا يوجد عند وفاته ( في رأسه ولحيته عشرون شعرة ) : بسكون العين ويفتح ( بيضاء ) . يعني بل ما عددت فيها إلا أربع عشرة شعرة بيضاء كما تقدم والله أعلم .

( وفي رواية يصف ) أي : ينعت أنس ( النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كان ربعة ) : بسكون الموحدة وقد تفتح ( من القوم ) : يقال : رجل ربعة ومربوع إذا كان بين الطويل والقصير فقوله : ( ليس بالطويل ، ولا بالقصير ) ، تفسير وبيان له ( أزهر اللون ) . خبر بعد خبر لكان أي نير اللون وحسنه ، وهو المتوسط بين الحمرة والبياض ذكره شارح . وقال الطيبي نقلا عن القاضي : الأزهر الأبيض المستنير ، والزهر والزهرة البياض النير ، وهو أحسن الألوان . ( وقال ) أي : أنس ( كان شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) بفتح العين ويسكن ( إلى أنصاف أذنيه ) . بضم : الذال ويسكن .

( وفي رواية : بين أذنيه وعاتقه . متفق عليه ) .

( وفي رواية للبخاري ، قال : كان ضخم الرأس ) أي : عظيمه وهو ممدوح عند العرب لدلالته على عظمة صاحبه وسعادته ، وإشارته ، إلى كمال رياسته وسيادته ( والقدمين ) : للإيماء إلى الشجاعة والثبات والقوة في العبادات ( لم أر بعده ) أي : بعد شهوده ( ولا قبله ) أي : قبل وجوده ( مثله ) أي : مماثلا ومساويا له في جميع مراتب الكمال خلقا في الأحوال ، وهذا فذلكة شاهدة لعجزه عن مراتب وصفه ومناقب نعته ، ( وكان سبط الكفين ) . أي : غليظهما . قال أبو عبيدة : يعني أنهما إلى الغلظ والقصر أميل ، وقال غيره : هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ، ويحتمل أن يكون كناية عن الجود لأن العرب تقول للبخيل : جعد الكف ، وفي ضده سبط الكف . ( وفي أخرى له ) ، أي : للبخاري ( قال : كان شثن القدمين والكفين ) . بسكون المثلثة أي : غليظ الأطراف من شثن بالضم والكسر إذا غلظ ، ويحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضهم ، وأدل على قوتهم ، ويذم في النساء لفوات المطلوب منهن وهو الرعاية ، ثم المراد غلظ العضو في الخلقة لا خشونة الجلد ، لما صح عن أنس : ما مسست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 3701 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية