صفحة جزء
568 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : الصلاة لوقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قال : حدثني بهن ، ولو استزدته لزادني . متفق عليه .


568 - ( وعن ابن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : " الصلاة لوقتها " : اللام فيه مثلها في قوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن أي : مستقبلات لعدتهن ، وقولهم : لقيته لثلاث ، أي : مستقبلا بقين من الشهر وليست كاللام في قوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس و " وقدمت لحياتي " بمعنى الوقت ; لئلا يتكرر الوقت . قاله الطيبي : وفيه : أنه يلزم من الاستقبال وقوع الصلاة قبل وقتها إلا أن يقال : المراد قبل وقتها بضمتين أي : أولها ، والأظهر أن اللام . بمعنى : " في " إيماء إلى أن الصلاة أداء لا قضاء . وفي القاموس : إن اللام ترد لثلاثين معنى . منها : موافقة " في " في قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ثم رأيت ابن حجر قال بعد نقل كلام الطيبي ، وفيه نظر ظاهر ; لأن اللام في الأولين إنما قدرت بذلك ; لأن الطلاق واللقاء قبل العدة والثلاث ، فوجب تقدير مستقبلا ، وهذا المعنى مفسد هاهنا كما لا يخفى ، فيتعين أن يكون بمعنى : " في " كما قررته فتأمل ، قال ابن الملك : أي أداؤها في أول وقتها . أقول : هذا وإن لم يفهم من الحديث يحمل على أول ما أوقاتهن المختار . وفي الحديث دليل على ما قاله العلماء من أن الصلاة أفضل العبادات بعد الشهادتين ، ويوافقها الخبر الصحيح : الصلاة خير موضوع ، أي : خير عمل وضعه الله لعباده ، ليتقربوا إليه به . ( قلت : ثم أي ؟ ) : أي : أيها أحب . قال الطيبي : ثم لتراخي الرتبة لا لتراخي الزمان أي : ثم بعد الصلاة أيها أفضل ؟ ( قال : " بر الوالدين " ) : أي : أو أحدهما ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ولذا قيل : من صلى الصلوات الخمس ، ودعا للوالدين بالمغفرة عقيب كل صلاة ، فقد أدى حق الله ، وحق والديه . ( قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " ) : قال التوربشتي : اختلفت الأحاديث الواردة في أفضل الأعمال وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى ، ففي هذا الحديث هكذا ، وفي حديث أبي ذر : أي العمل خير ؟ قال : " إيمان بالله ، وجهاد في سبيل الله " وفي حديث أبي سعيد : أي الناس أفضل ؟ قال : " رجل مجاهد في سبيل الله " إلى غير ذلك من الأحاديث ، ووجه التوفيق أنه عليه الصلاة والسلام أجاب لكل بما يوافق غرضه ، وما يرغبه فيه ، أو أجاب بحسب ما عرف من حاله ، أو بما يليق به وأصلح له ، توفيقا على ما خفي عليه ، ولقد يقول الرجل : خير الأشياء كذا ولا يريد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء ، ولكن يريد أنه خيرها في حال دون حال ، ولأحد دون آخر ، كما يقال في موضع يحمد فيه السكوت لا شيء أفضل من السكوت ، وحيث يحمد الكلام لا شيء أفضل من الكلام ، نقله الطيبي . ( قال ) : أي : ابن مسعود ( حدثني ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( بهن ) : أي : بهذه الأشياء الثلاثة ( ولو استزدته ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ، أو السؤال يعني : لو سألته أكثر من هذا ( لزادني ) : في الجواب ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود والنسائي ، وروى الدارقطني ، والحاكم ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والبيهقي ، عن ابن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : " الصلاة لأول وقتها " قال الحاكم ، والبيهقي في خلافياته : صحيح على شرطهما .

[ ص: 510 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية